بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ. (السَّادِسُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ عَنْ الدِّمْيَاطِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ مَاتَ مُبْتَاعُهَا إلَى أَجَلٍ قَبْلَهُ جَازَ لِلْبَائِعِ شِرَاؤُهَا مِنْ وَارِثِهِ بِحُلُولِ الْأَجَلِ بِمَوْتِهِ وَلَوْ مَاتَ الْبَائِعُ لَمْ يَجُزْ لِوَارِثِهِ إلَّا مَا جَازَ لَهُ مِنْ شِرَائِهَا اهـ وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَسْأَلَةَ فِي الْبَيَانِ فِي الرَّسْمِ الْآتِي ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ السَّابِعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّابِعُ) قَوْلُنَا مِنْ مُشْتَرِيهِ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي لِثَالِثٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّالِثِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّالِثُ ابْتَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالْمَجْلِسِ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ ابْتَاعَهُ الْأَوَّلُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَيُمْنَعُ قَالَ فِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ السَّلَمِ وَالْآجَالِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ مِمَّنْ يَبِيعُ السِّلْعَةَ مِنْ الرَّجُلِ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَإِذَا قَبَضَهَا مِنْهُ ابْتَاعَهَا مِنْهُ وَرَجُلٍ حَاضِرٍ كَانَ قَاعِدًا مَعَهُمَا فَبَاعَهَا مِنْهُ ثُمَّ إنَّ الَّذِي بَاعَهَا لِلْأَوَّلِ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ قَالَ لَا خَيْرَ فِي هَذَا وَأَرَاهُ كَأَنَّهُ مُحَلِّلٌ بَيْنَهُمَا وَقَالَ إنَّمَا يُرِيدُونَ إجَازَةَ الْمَكْرُوهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ ابْنِ دِينَارٍ وَقَالَ هَذَا مِمَّا يُضْرَبُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَهَذَا مِمَّا لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ وَأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَيَرَى أَنْ يُزْجَرَ عَنْهُ وَأَنْ يُؤَدَّبَ مَنْ فَعَلَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَأَيْتُهَا عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ الْمَكْرُوهِ الْبَيِّنِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا صَحِيحٌ عَلَى طَرْدِ الْقِيَاسِ فِي الْحُكْمِ بِالْمَنْعِ مِنْ الذَّرَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا اُتُّهِمَا عَلَى أَنْ يُظْهِرَا إلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا بَاعَ سِلْعَةً مِنْ صَاحِبِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا لِيَتَوَصَّلَا بِهِ إلَى اسْتِبَاحَةِ دَفْعِ عَشَرَةٍ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ وَجَبَ أَنْ يُتَّهَمَا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ اشْتَرَاهَا الَّذِي بَاعَهَا مِنْ غَيْرِ الَّذِي بَاعَهَا مِنْهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا إنَّمَا أَدْخَلَا هَذَا الرَّجُلَ فِيمَا بَيْنَهُمَا لِبُعْدِ التُّهْمَةِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا وَلَا تَبْعُدُ عَنْهُمَا بِهِ؛ لِأَنَّ التَّحَيُّلَ بِهِ يُمْكِنُ بِأَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ مِثْلَهُمَا فِي قِلَّةِ الرَّغْبَةِ تَعَالَ فَاشْتَرِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ هَذِهِ السِّلْعَةَ الَّتِي يَبِيعُهَا مِنْهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَأَنَا أَبْتَاعُهَا مِنْكَ بِذَلِكَ أَوْ بِرِبْحِ دِينَارٍ فَتَدْفَعُ إلَيْهِ الْعَشَرَةَ الَّتِي تَأْخُذُ مِنِّي وَلَا نَزْنِ مِنْ عِنْدِكَ شَيْئًا فَيَكُونُ إذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى هَذَا قَدْ رَجَعْتَ إلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ سِلْعَتَهُ وَدَفَعَ إلَى الَّذِي بَاعَهَا مِنْهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ يَأْخُذُ بِهَا مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ وَيَكُونُ إنْ كَانَ ابْتَاعَهَا مِنْ الثَّانِي بِرِبْحِ دِينَارٍ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ قَدْ أَعْطَاهُ ذَلِكَ الدِّينَارَ ثَمَنًا لِمَعُونَتِهِ إيَّاهُ عَلَى الرِّبَا، انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَوْ ابْتَاعَهَا لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ثَالِثٌ بِالْمَجْلِسِ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ ابْتَاعَهُ الْأَوَّلُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مُنِعَ اهـ
ص (وَكَذَا لَوْ أَجَّلَ بَعْضَهُ مُمْتَنِعٌ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ أَوْ بَعْضُهُ)
ش: الضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ بَعْضٌ عَائِدٌ عَلَى الثَّمَنِ الثَّانِي يَعْنِي فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي بَعْضُهُ نَقْدًا أَوْ بَعْضُهُ مُؤَجَّلًا فَتُرَدُّ الْقِسْمَةُ إلَى الْمُؤَجَّلِ فَيُقَالُ إمَّا أَنْ يَكُونَ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ أَوْ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالثَّمَنُ الثَّانِي جَمِيعُهُ إمَّا مُسَاوٍ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ وَانْتَفَتْ صُوَرُ النَّقْدِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ بَعْضَ الثَّمَنِ مُؤَجَّلٌ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُعَجَّلًا وَبَيَّنَ الْمُمْتَنِعَ مِنْ هَذِهِ التِّسْعِ بِقَوْلِهِ مُمْتَنِعٌ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ أَوْ بَعْضُهُ فَقَوْلُهُ مُمْتَنِعٌ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَمَا تَعَجَّلَ فِيهِ مُبْتَدَأٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ مُمْتَنِعٌ مُبْتَدَأٌ وَمَا بَعْدَهُ فَاعِلٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ الِاعْتِمَادَ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَهِيَ الْمَمْنُوعَةُ وَهِيَ مَا إذَا بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَيْ تِسْعَةٍ فَأَقَلَّ عَجَّلَ مِنْهَا خَمْسَةً مَثَلًا وَأَخَّرَ أَرْبَعَةً سَوَاءٌ أَخَّرَهَا إلَى دُونِ الْأَجَلِ أَوْ إلَى الْأَجَلِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ أَوْ اشْتَرَاهَا بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَعَجَّلَ بَعْضَ الثَّمَنِ وَأَخَّرَ بَعْضَهُ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ فَأَمَّا الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَاهَا بِتِسْعَةٍ وَعَجَّلَ مِنْهَا خَمْسَةً فَأَجَّلَ الْأَرْبَعَةَ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ؛ فَلِأَنَّ ثَوْبَهُ قَدْ رَجَعَ إلَيْهِ وَدَفَعَ الْآنَ خَمْسَةً وَبَعْدَ أَشْهُرٍ أَرْبَعَةً يَأْخُذُ عَنْهَا عَشَرَةً عِنْدَ تَمَامٍ الشَّهْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute