للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ الْقَرَافِيِّ أَنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ فِي الْعُضْوِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ طَهُورٌ مُطْلَقٌ. وَبِيصُ الطِّيبِ بَرِيقُهُ وَلَمَعَانُهُ وَهُوَ بِالْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ صَادٌ مُهْمَلَةٌ عَلَى وَزْنِ رَغِيفٍ وَالنَّضُوحُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى وَزْنِ صَبُورٍ مَا يَنْضَحُ بِهِ مِنْ الطِّيبِ أَيْ يَرُشُّ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّضْحِ.

(التَّاسِعُ) قَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ: وَلَا يَمْسَحُ عَلَى الْحَائِلِ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَكَذَلِكَ إذَا جَعَلَ عَلَى رَأْسِهِ الدُّهْنَ لِعِلَّةٍ بِهِ فَإِنَّهُ يَمْسَحَ عَلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ انْتَهَى.

(قُلْتُ) ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَى الدُّهْنِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ بِأَنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَى الْحِنَّاءِ حَتَّى يَغْسِلَهُ بِالْمَاءِ لِئَلَّا يَنْضَافَ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ فَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ وَيَتَجَسَّدَ عَلَى الشَّعْرِ حَتَّى يَصِيرَ حَائِلًا يَمْنَعُ مِنْ الْمَسْحِ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(الْعَاشِرُ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَإِذَا مَسَحَتْ عَلَى الْحِنَّاءِ لِعِلَّةٍ ثُمَّ أَزَالَتْهُ وَهِيَ عَلَى وُضُوءٍ مَسَحَتْهُ لِمَا يُسْتَقْبَلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَحُكْمُهُ كَحُكْمِ الْجَبِيرَةِ.

(الْحَادِيَ عَشَرَ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ وَالْقَرَافِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَابْنِ نَاجِي أَنَّ الْمُلَبَّدَ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الشَّعْرِ الْمُلَبَّدِ وَلَا يَكُونُ حَائِلًا وَقَالَ الْجُزُولِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ: وَانْظُرْ الْمُحْرِمَ إذَا لَبَّدَ رَأْسَهُ قَالُوا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ وَلَا رَاعَوْا الْحَائِلَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا الشَّارْمَسَاحِيُّ وَقَالَهُ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ أَيْضًا قَالَ الْجُزُولِيُّ فِي بَابِ الْحَجِّ: يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى التَّلْبِيدِ فِي الْوُضُوءِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْإِضَافَةُ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يُضِيفُ الْمَاءَ إضَافَةً تُؤَثِّرُ، وَأَمَّا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْحَائِلِ انْتَهَى.

(الثَّانِيَ عَشَرَ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَكَذَلِكَ الْقَطْرَانُ الَّذِي يَجْعَلُهُ الْعَوَاتِقُ فِي رُءُوسِهِنَّ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ الْمُلَبَّدِ وَمَعَ ذَلِكَ قَالُوا: يُمْسَحُ انْتَهَى.

(قُلْتُ) وَهَذَا كُلُّهُ يَرُدُّ مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّ ذَلِكَ يُضِيفُ الْمَاءَ.

(الثَّالِثَ عَشَرَ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الرَّجُلَ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ شَعْرٌ طَوِيلٌ وَضَفْرُهُ أَوْ عَقَصَهُ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِ الْمَرْأَةِ فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَفِي جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إذَا فَتَلَ رَأْسَهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِ كَالْمَرْأَةِ وَحَكَى الْبَلَنْسِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْتِلَ شَعْرَ رَأْسِهِ وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَزَادَ وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَتَمْسَحُ عَلَى مَا اسْتَرْخَى مِنْ شَعْرِهَا: وَكَذَلِكَ طَوِيلُ الشَّعْرِ مِنْ الرِّجَالِ. ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ طَوِيلُ الشَّعْرِ مِنْ الرِّجَال وَإِنْ كَانَ مَضْفُورًا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَنَقَلَ الْمَغْرِبِيُّ قَوْلًا بِأَنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ وَاسْتَشْكَلَهُ؛ لِأَنَّ الضَّفْرَ فِي حَقِّهِ مُبَاحٌ (فَإِنْ قُلْتُ) قَدْ نَصَّ الْبَلَنْسِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرِّجَالِ أَنْ يُضَفِّرُوا رُءُوسَهُمْ وَلَا أَعْرِفُهُ لِغَيْرِهِ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الرِّسَالَةِ وَقَالَ الْجُزُولِيُّ: وَلَوْ ضَفَرَ الرَّجُلُ رَأْسَهُ فَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: يَمْسَحُ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الرَّابِعُ مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ. نَبَّهَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي هَذَا الْفَرْضِ دُونَ سَائِرِ الْفُرُوضِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْوُضُوءِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا لَبَّدَتْ رَأْسَهَا بِشَيْءٍ مِنْ الطِّيبِ وَرُبَّمَا ضَفَرَتْهُ بِشَعْرِ غَيْرِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ بِمَسْحِ جَمِيعِهِ كَالرَّجُلِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْجَمْعِ: نَبَّهَ عَلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُنَّ يَطْلُبْنَ الْمُسَامَحَةَ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الصَّغِيرِ إشَارَةٌ إلَى هَذَا فَإِنَّهُ قَالَ: قَوْلُهُ: رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ رَاجِعٌ إلَى الْمَاسِحِ يَعْنِي وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَعْنِي مَسْحَ الْجَمِيعِ وَالصُّدْغَيْنِ وَالْمُسْتَرْخِيَ وَعَدَمَ نَقْضِ الضَّفْرَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ.

(الرَّابِعَ عَشَرَ) قَالَ فِي الطِّرَازِ إذَا كَانَ فِي الشَّعْرِ صُوفٌ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّا يَرْكَبُ الشَّعْرَ وَيَمْنَعُ مُبَاشَرَتَهُ أَوْ الْتَصَقَ بِالشَّعْرِ شَمْعٌ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَمْنَعُ غَسْلَهُ وَمَسْحَهُ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ بَعْدَ وُضُوئِهِ قَرَضَهُ بِمِقْرَاضٍ هَلْ يُجْزِئُهُ وُضُوءُهُ؟ يَخْرُجُ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ مَا غُسِلَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ هَلْ يَرْتَفِعُ حُكْمُ الْحَدَثِ عَنْهُ وَيَطْهُرُ فِي نَفْسِهِ أَوْ لَا يَرْتَفِعُ حَتَّى يَكْمُلَ الْجَمِيعُ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>