للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِعُذْرٍ دَعْوَى.

(قُلْتُ) يَرُدُّ مَا قَالَهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَائِدَةٌ) ذَكَرَ ابْنُ نَاجِي أَنَّهُ حَضَرَ ابْنُ رَاشِدٍ دَرْسَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ الْمُدَرِّسُ: الدَّلِيلُ لَنَا عَلَى مَالِكٍ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى حَائِلٍ أَصْلُهُ الشَّعْرُ فَإِنَّهُ حَائِلٌ، فَأَجَابَهُ ابْنُ رَاشِدٍ بِأَنَّ الْحَقِيقَةَ إذَا تَعَذَّرَتْ اُنْتُقِلَ إلَى الْمَجَازِ إنْ لَمْ يَتَعَدَّدْ وَإِلَى الْأَقْرَبِ مِنْهُ إنْ تَعَدَّدَ وَالشَّعْرُ هُنَا أَقْرَبُ وَالْعِمَامَةُ أَبْعَدُ فَيَتَعَيَّنُ الْحَمْلُ عَلَى الشَّعْرِ فَلَمْ يَجِدْ جَوَابًا وَنَهَضَ قَائِمًا وَأَجْلَسَهُ بِإِزَائِهِ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ عِيَاضٌ الْحِنَّاءُ مَمْدُودٌ انْتَهَى. وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ: الْحِنَّاءُ مُذَكَّرٌ مَمْدُودٌ وَاحِدُهُ حِنَّاءَةٌ.

(السَّابِعُ) قَالَ فِي الطِّرَازِ: فَإِنْ كَانَتْ الْحِنَّاءُ فِي مُسْتَبْطَنِ الشَّعْرِ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَمْ يَمْنَعْ؛ لِأَنَّ مُسْتَبْطَنَ الشَّعْرِ لَا يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ وَلَا مُبَاشَرَتُهُ بِالْمَسْحِ وَلِهَذَا تَعَلَّقَ الْمَسْحُ بِظَاهِرِ الضَّفِيرَةِ دُونَ بَاطِنِهَا، وَقَدْ أَجَازَ الشَّرْعُ التَّلْبِيدَ فِي الْحَجِّ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ نَاجِي وَغَيْرُهُمْ وَقَبِلُوهُ وَلَفْظُ ابْنِ عَرَفَةَ: الطِّرَازِ: إنْ كَانَ الْحِنَّاءُ بِبَاطِنِ الشَّعْرِ لَمْ يَمْنَعْ كَالتَّلْبِيدِ انْتَهَى.

(الثَّامِنُ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فِي قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ حَتَّى يَنْزِعَهُ: هَلْ بِالْمَاءِ كَمَا يَقُولُ بَعْضُ الشُّيُوخِ؟ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ بِأَيِّ شَيْءٍ أَزَالَهُ الشَّيْخُ وَمَنْ يَقُولُ بِالْمَاءِ يَقُولُ لِئَلَّا يَنْضَافَ الْمَاءُ الَّذِي يَمْسَحُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بِأَوَّلِ مُلَاقَاتِهِ بِيَدِهِ يَنْضَافُ وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ تَكُونُ أَعْضَاؤُهُمْ غَيْرَ نَقِيَّةٍ مِنْ الدَّنَسِ فَإِذَا فَرَّغَ الْمَاءَ عَلَى أَوَّلِ الْعُضْوِ لَمْ يَصِلْ إلَى آخِرِهِ حَتَّى يَتَغَيَّرَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَحَدٌ طَهَارَةَ الْأَعْضَاءِ مِنْ الدَّنَسِ وَقَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ ذَهَبَتْ الْحِنَّاءُ أَوْ انْتَشَرَ بَعْضُهَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ بَعْضِ الشُّيُوخِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَلَا يَمْسَحُ عَلَى الْحِنَّاءِ. قَالَ ابْنُ هَارُونَ: يُرِيدُ إذَا كَانَ مُتَجَسِّدًا وَإِلَّا فَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى صَبْغِهِ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ هَارُونَ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَكَذَلِكَ الطِّيبُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَجَسِّدًا مِمَّا تَرُشُّ بِهِ رَأْسَهَا أَوْ تَجْعَلُهُ فِي شَعْرِهَا وَمَا زَالَ نِسَاءُ الصَّحَابَةِ يَجْعَلْنَ الطِّيبَ فِي رُءُوسِهِنَّ، وَكَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُرَى وَبِيصُ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِهِ وَهَذَا لَا إشْكَالَ فِيهِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يُضِيفُ الْمَاءَ حَالَةَ الْمَسْحِ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ الْجَهْلِ بِالسُّنَّةِ وَالتَّعَمُّقِ فِي الدِّينِ وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي الْبَيَانِ فِي بَابِ الْقَذْفِ فِي الْمَرْأَةِ تَعْمَلُ نَضُوحًا مِنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ فَتَمْتَشِطُ بِهِ، قَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ ابْنُ رُشْدٍ وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَفِيهِ إجَازَتُهُ أَيْضًا عَلَى تَرْخِيصٍ، وَالْكَرَاهَةُ مِنْ بَابِ النَّهْيِ عَنْ الْخَلِيطَيْنِ لَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ حَائِلٌ يَمْنَعُ الْمَسْحَ عَلَيْهِ وَهَذَا نَصٌّ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْمَحْذُورُ مَا هُوَ مُتَجَسِّدٌ يَحُولُ بَيْنَ الشَّعْرِ وَالْمَاءِ وَأَمَّا النَّضُوحُ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ فَإِنَّهُ يُلَبِّدُ الشَّعْرَ وَيَضُمُّهُ عَنْ الِانْتِشَارِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ جَوَازُ تَصْمِيغِ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ انْتَهَى. كَلَامُ ابْنِ فَرْحُونٍ وَمَسْأَلَةُ الْبَيَانِ فِي رَسْمِ الْأَشْرِبَةِ وَالْحُدُودِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ.

وَقَوْلُهُ: وَالْكَرَاهَةُ مِنْ بَابِ النَّهْيِ عَنْ الْخَلِيطَيْنِ لَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ حَائِلٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْجُبَّائِيُّ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَلَا يَمْسَحُ عَلَى حِنَّاءٍ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إضَافَةَ الْمَاءِ بَعْدَ بُلُوغِهِ الْعُضْوَ لَا تَضُرُّ وَمَا زَالَ السَّلَفُ يَدْهُنُونَ وَيَتَمَنْدَلُونَ بِأَقْدَامِهِمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَاءَ يَنْضَافُ بِمُلَاقَاتِهِ لِلْعُضْوِ مِمَّا عَلَيْهِ انْتَهَى. وَنَقَلَ ابْنُ فَرْحُونٍ كَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ الْمُتَقَدِّمَ وَزَادَ عَلَيْهِ قَالَ: وَقَدْ نَصَّ أَبُو زَيْدٍ الْبُرْنُوسِيُّ فِي تَقْيِيدِهِ عَلَى الْجَلَّابِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا إذَا نَقَضَتْهَا وَزَالَ نَقْضُهَا، وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الطِّيبِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْجُزُولِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْحِنَّاءِ: قَالَ الْفَقِيهُ: لَا يَمْسَحُ حَتَّى يُزِيلَهَا بِالْمَاءِ وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا نَقَضَهَا، وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى هُنَاكَ مَا يُضِيفُ الْمَاءَ انْتَهَى. وَزَادَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَغْسِلَهُ بِالْمَاءِ وَالطَّفْلِ وَالْمَشْطِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْشُطْهُ بِالطَّفْلِ يَنْضَافُ الْمَاءُ بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ انْتَهَى

(قُلْتُ) وَمَا قَالَ الْجُزُولِيُّ إنَّهُ الْأَبْيَنُ هُوَ الَّذِي ضَعَّفَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَغَيْرُهُمَا وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَغَيْرُهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>