للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ رَدِّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ انْتَهَى.

(قُلْتُ) وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ وَنَصُّهُ: وَسُنَّةُ وُضُوءِ الْمَرْأَةِ كَسُنَّةِ وُضُوءِ الرَّجُلِ سَوَاءً غَيْرَ أَنَّهَا إذَا مَسَحَتْ رَأْسَهَا بَدَأَتْ مِنْ أَصْلِ شَعْرِ قُصَّتِهَا فَتَذْهَبُ بِيَدِهَا عَلَى جَمِيعِ شَعْرِ قُصَّتِهَا وَأَدْلَتْهَا وَجَمِيعَ شَعْرِ رَأْسِهَا، مَضْفُورًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَضْفُورٍ، مَجْمُوعًا كَانَ أَوْ مَسْدُولًا عَلَى ظَهْرِهَا حَتَّى تَبْلُغَ إلَى آخِرِهِ، ثُمَّ تُدْخِلُ يَدَيْهَا مِنْ تَحْتِهِ فَتُحَوِّلُهُ حَتَّى تَرُدَّ يَدَيْهَا بِهِ أَوْ بِضَفَائِرِهَا الْمُرْسَلَةِ إلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهَا مَرَّةً وَاحِدَةً لَا بُدَّ لَهَا مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُهَا أَنْ تَجْمَعَهُ فِي قَبْضَتِهَا جَمَعَتْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهَا إلَّا أَنْ تَنْتَقِلَ بِيَدَيْهَا فَعَلَتْ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الْمَاءَ ثَانِيَةً، وَإِنْ شَاءَتْ اكْتَفَتْ بِالْأُولَى إنْ كَانَ بَقِيَ فِي يَدَيْهَا مِنْ بَلَلِهَا شَيْءٌ وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ ذَاتُ الْقُرُونِ إذَا لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَعُمَّ بِيَدَيْهَا رَأْسَهَا وَقُرُونَهَا، فَإِنْ فَرَّطَتْ فِي ذَلِكَ فَلَا صَلَاةَ عَلَيْهَا وَعَلَيْهَا الْإِعَادَةُ مَتَى عَلِمَتْ قُبْحَ مَا صَنَعَتْ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ بِاخْتِصَارِ وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ بِتَمَامِهِ.

ص (وَغَسْلُهُ مُجْزِئٌ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إذَا غَسَلَ رَأْسَهُ فِي الْوُضُوءِ بَدَلًا عَنْ مَسْحِهِ فَإِنَّ غَسْلَهُ يُجْزِئُهُ عَنْ مَسْحِهِ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ وَقَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ هُوَ أَشْهَرُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَقِيلَ: لَا يُجْزِيهِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْغَسْلِ غَيْرُ حَقِيقَةِ الْمَسْحِ الْمَأْمُورِ بِهِ فَلَا يُجْزِئُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ إعْمَالًا لِدَلِيلِ الْجَوَازِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ سَابِقٍ وَلَمْ يَعْزُهُمَا، وَعَنْهُ نَقَلَهُمَا ابْنُ شَاسٍ وَشُرَّاحُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَإِجْزَاءُ غَسْلِهِ لِابْنِ شَعْبَانَ، ابْنُ سَابِقٍ: أَبَاهُ غَيْرُهُ وَكَرِهَهُ آخَرُونَ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَظْهَرُ الْكَرَاهَةُ وَنَقَلَ صَاحِبُ الْجَمْعِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ أَنَّهُ قَالَ: وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ أَصَحُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ قَوْلٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ قَدْ رَجَحَ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا أَقْوَى؛ لِأَنَّ قَائِلَهُ مَعْرُوفٌ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَصَرَّحَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ بِتَشْهِيرِهِ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَا نَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ غَسْلَهُ مُجْزِئٌ إلَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّاسِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِمْ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْمَوَّاقُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ.

(الثَّانِي) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَغَسْلُهُ مُجْزِئٌ لَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ ابْتِدَاءً وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ بِالْإِجْزَاءِ الْجَوَازُ ابْتِدَاءً وَقَالَ ابْنُ نَاجِي: لَيْسَ فِي الْمَذْهَبِ نَصٌّ بِجَوَازِهِ ابْتِدَاءً انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَسْلُهُ ثَالِثُهَا يُكْرَهُ: ظَاهِرُ هَذَا النَّقْلِ أَنَّ فِيهِ قَوْلًا بِالْجَوَازِ ابْتِدَاءً وَفِي وُجُودِهِ عِنْدِي نَظَرٌ انْتَهَى.

(قُلْتُ) وَجَعْلُهُمْ الْقَوْلَ بِالْكَرَاهَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَإِذَا كَانَ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَيْسَ بِجَائِزٍ ابْتِدَاءً فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَالُ فِيهِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيُجْزِي فِي الْغُسْلِ اتِّفَاقًا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي أَنَّ الْمُغْتَسِلَ لِلْجَنَابَةِ إذَا لَمْ يَمْسَحْ رَأْسَهُ فَغُسْلُهُ لَهُ فِي الْجَنَابَةِ يُجْزِيهِ عَنْ الْوُضُوءِ اتِّفَاقًا لِقَوْلِ عَائِشَةَ وَأَيُّ وُضُوءٍ أَعَمُّ مِنْ الْغُسْلِ. وَقَرَّرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ هَارُونَ وَلَمْ يَعْتَرِضَا عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ هَلْ تَضْمَحِلُّ شُرُوطُ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى أَوْ إنَّمَا يَضْمَحِلُّ مِنْهَا مَا تُوَافِقُ فِيهِ الطَّهَارَةَ الْكُبْرَى؟ انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيُجْزِئُ فِي الْغُسْلِ اتِّفَاقًا: إنْ أَرَادَ بِاعْتِبَارِ حَدَثِ الْجَنَابَةِ فَحَقٌّ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْوِيُّ، وَإِنْ أَرَادَ بِاعْتِبَارِ حُصُولِ فَضْلِ تَقْدِيمِ الْوُضُوءِ فَلَا لِرِوَايَةِ عَلِيٍّ وَابْنِ الْقَاسِمِ مَنْعَ تَأْخِيرِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ انْتَهَى. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

ص (وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ بِكَعْبَيْهِ النَّاتِئَيْنِ بِمِفْصَلَيْ السَّاقَيْنِ)

ش: هَذِهِ الْفَرِيضَةُ الرَّابِعَةُ مِنْ الْفَرَائِضِ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا وَهِيَ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ وَبِوُجُوبِ غَسْلِهِمَا قَالَ جَمَاعَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ إلَّا مَا يُحْكَى عَنْ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ بِالتَّخْيِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>