للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَشْبَهَ مَا بَيْنَهُمَا الْبَاطِنَ انْتَهَى.

(قُلْتُ) وَقَدْ تَقَدَّمَ حِكَايَةُ الْقَوْلِ بِالْإِنْكَارِ فِي أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ أَيْضًا، لَكِنَّ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ يَصِحُّ أَنْ يُفَرَّقَ بِهِ لِلْمَشْهُورِ حَيْثُ كَانَ فِي الْيَدَيْنِ الْوُجُوبُ وَفِي الرِّجْلَيْنِ الِاسْتِحْبَاب وَهَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ يُوَافِقُ الْمَشْهُورَ فِي وُجُوبِ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَاسْتِحْبَابِ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ وَذَكَرَ فَرْقَيْنِ آخَرَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْيَدَيْنِ فَرْضُهُمَا الْغَسْلِ بِلَا خِلَافٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الرِّجْلَيْنِ هَلْ فَرْضُهُمَا الْغَسْلُ أَوْ الْمَسْحُ كَمَا تَقَدَّمَ؟ وَالثَّانِي: أَنَّ الرِّجْلَيْنِ يَسْقُطُ غَسْلُهُمَا بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَيَسْقُطَانِ فِي التَّيَمُّمِ بِخِلَافِ الْيَدَيْنِ وَذَكَرَ عَنْ شَيْخِهِ الشَّبِيبِيّ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي إلَى أَنْ مَاتَ بِتَخْلِيلِ مَا بَيْنَ إبْهَامِ الرِّجْلِ وَاَلَّذِي يَلِيهِ فَقَطْ لِانْفِرَاجِ مَا بَيْنَهُمَا وَعَزَا لِلرِّسَالَةِ الْإِبَاحَةَ قَالَ: فَتَحْصُلُ فِي ذَلِكَ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ. يُرِيدُ بِفَتْوَى شَيْخِهِ وَبِمَا عَزَاهُ لِلرِّسَالَةِ وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْقَوْلِ بِالِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ مَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ، وَقَالَ بِهِ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ بَلْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ الْفَخَّارِ أَنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّارِحُ وَالشَّيْخُ زَرُّوق فَكَانَ الْجَارِي عَلَى قَاعِدَتِهِ أَنْ يَذْكُرَ فِيهِ خِلَافًا، لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْوُجُوبِ رَجَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ بَزِيزَةَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: هُوَ الصَّحِيحُ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يَبْدَأُ بِتَخْلِيلِ خِنْصَرِ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّهُ يُمْنَى أَصَابِعِهَا وَيَخْتِمُ بِإِبْهَامِهَا وَيَبْدَأُ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى؛ لِأَنَّهُ يُمْنَى أَصَابِعِهَا وَيَخْتِمُ بِخِنْصَرِهَا، وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَتَقَدَّمَ عَنْ الْجُزُولِيِّ أَنَّهُ يُخَلِّلُ أَصَابِعَ الرِّجْلَيْنِ مِنْ أَسْفَلَ بِخِلَافِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فَإِنَّهُ يُخَلِّلُهُمَا مِنْ ظَاهِرِهِمَا وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ: وَإِنْ شَاءَ خَلَّلَ أَصَابِعَهُ. يَعْنِي بِأَنْ يُدْخِلَ أَصَابِعَ يَدَيْهِ فِي خِلَالِ أَصَابِعِهِمَا مَعَ الْمَاءِ. قَالُوا: وَالْمُسْتَحَبُّ فِي ذَلِكَ أَنْ يُخَلِّلَهُمَا مِنْ أَسْفَلِهِمَا وَكَذَلِكَ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَيُعَبِّرُونَ عَنْهُ بِالنَّحْرِ وَعَنْ تَخْلِيلِ الْيَدَيْنِ بِالذَّبْحِ وَيَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمُ بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى انْتَهَى.

وَتَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُخَلِّلُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ بِخِنْصَرِهِ» وَذَكَرَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ حَدِيثًا آخَرَ «أَنَّهُ كَانَ يُخَلِّلُ بِالْمُسَبِّحَةِ» وَهُوَ أَمْكَنُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي الْغَسْلِ فَأَمَّا أَصَابِعُ الْيَدَيْنِ فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ تَخْلِيلَهُمَا وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ فِي الْوُضُوءِ فَأَحْرَى أَنْ يَجِبَ فِي الْغُسْلِ، وَأَمَّا أَصَابِعُ الرِّجْلَيْنِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: أَنَّ حُكْمَهُمَا فِي الْغَسْلِ كَحُكْمِهِمَا فِي الْوُضُوءِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فَقَالَ فِي بَابِ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ: وَفِي تَخْلِيلِ أَصَابِعِهِمَا مَا فِي الْوُضُوءِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ النَّدْبُ وَقَالَ الْمَوَّاقُ بْنُ حَبِيبٍ هُوَ مُرَغَّبٌ فِيهِ وَأَمَّا فِي الْغُسْلِ فَوَاجِبٌ انْتَهَى. وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ الْفَخَّارِ أَنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْغُسْلِ وَاسْتِحْبَابُهُ فِي الْوُضُوءِ انْتَهَى. مُخْتَصَرًا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ التَّخْلِيلِ رَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ فَتَعَيَّنَ الْعَمَلُ بِهِ خُصُوصًا فِي الْغُسْلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) إذَا قُلْنَا: لَا يَجِبُ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ وَلَا فِي الْغُسْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ إيصَالِ الْمَاءِ لِمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ قَالَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

ص (وَلَا يُعِيدُ مَنْ قَلَمَ ظُفْرَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ)

ش: الظُّفْرُ بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُشَالَةُ وَضَمُّ الْفَاءِ عَلَى اللُّغَةِ الْفُصْحَى وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ، وَفِيهِ لُغَةٌ ثَانِيَةٌ بِكَسْرِ الظَّاءِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ، وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ بِضَمِّ الظَّاءِ وَسُكُونِ الْفَاءِ، وَفِيهِ لُغَةٌ رَابِعَةٌ وَهِيَ أُظْفُورٌ عَلَى وَزْنِ عُصْفُورٍ وَقَوْلُهُ: قَلَمَ مُقْتَضَى كَلَامِ الصِّحَاحِ أَنَّهُ مَعَ الظُّفْرِ الْوَاحِدِ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ. قَالَ: فِيهَا قَلَّمْتُ ظُفْرِي وَقَلَّمْتُ أَظْفَارِي يُشَدَّدُ لِلْكَثْرَةِ انْتَهَى. وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ فِي بَابِ مَا يُفْعَلُ بِالْمُحْتَضَرِ قَالَ فِي الصِّحَاحِ: يُقَالُ: قَلَّمْتُ ظُفْرِي يُرِيدُ بِالتَّخْفِيفِ، وَقَالَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>