للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَرْطٍ وَانْظُرْ أَيْضًا كَلَامَ الذَّخِيرَةِ وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُتَصَارِفَيْنِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لِسَنَدٍ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَبُدِئَ الْمُشْتَرِي لِلتَّنَازُعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَفِي فَسَادِهِ بِالزِّيَادَةِ أَنْ تَكْثُرَ جِدًّا تَرَدُّدٌ)

ش: اعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْفَسَادِ وَالْقَوْلَ بِعَدَمِهِ كِلَاهُمَا لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ سَحْنُونٍ فِي النَّقْلِ عَنْهُ وَالْقَوْلُ بِالْفَسَادِ هُوَ فِي السَّلَمِ الثَّانِي، وَنَصُّهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي التَّهْذِيبِ: وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَمْ يَضْرِبَ لِرَأْسِ الْمَالِ أَجَلًا، وَأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ تَأَخَّرَ شَهْرًا بِشَرْطٍ وَأَكْذَبَهُ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ نَقَصَ أَبُو سَعِيدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ نَصَّهَا فِي الْأُمِّ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ: لَمْ أَقْبِضْ رَأْسَ الْمَالِ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ كَانَ شَرْطُنَا ذَلِكَ فَاقْتَصَرَ أَبُو سَعِيدٍ عَلَى مَسْأَلَةِ الشَّرْطِ وَتَرَكَ الْأُخْرَى وَهِيَ يُسْتَفَادُ مِنْهَا أَنَّ تَأْخِيرَ رَأْسِ الْمَالِ الْبَعِيدِ يُفْسِدُهُ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْفَسَادِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: هُوَ قَوْلُهُ فِي الثَّالِثِ إنْ تَأَخَّرَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْأَمَدِ الْيَسِيرِ فَيَجُوزُ مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَلَا يَجُوزُ اهـ.

وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَكْثُرْ جِدًّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَنَحْوُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْحَارِثِ فِي السَّلَمِ، وَنَصُّهُ ابْنُ حَارِثٍ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ اهـ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إنْ أَخَّرَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَعْنِي فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَذَلِكَ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَهَلْ يَبْطُلُ السَّلَمُ، فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا فَسَادُ السَّلَمِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالْقَوْلَانِ مَعًا لِمَالِكٍ وَاَلَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مِنْهُمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْهَا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا إنْ تَأَخَّرَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَيَجُوزُ مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَلَا يَجُوزُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ السَّلَمَ فَاسِدٌ لِاسْتِلْزَامِهِ الْوُقُوعَ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ اهـ.

وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: إذَا تَأَخَّرَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِشَرْطٍ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَإِنْ كَانَ بِشَرْطٍ فَطَالَ الزَّمَانُ الْمُشْتَرَطُ فَهُوَ عَقْدٌ فَاسِدٌ يُفْسَخُ إنْ تَرَكَ وَإِنْ قَصَدَ جَازَ وَحَدُّ هَذَا فِي الْكِتَابِ بِالْيَوْمَيْنِ وَفِي كِتَابِ الْخِيَارِ بِالثَّلَاثَةِ وَإِنْ طَالَ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْعَرْضِ وَالْحَيَوَانِ أَوْ لَا يُعْرَفُ كَالنَّقْدَيْنِ وَإِذَا كَانَ يُعْرَفُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالثِّيَابِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا أَوْ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْحَيَوَانِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْعُرُوضِ الَّتِي يُغَابُ عَلَيْهَا كُرِهَ وَلَمْ يُفْسَخْ إنْ تُرِكَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَقَدْ جَعَلَهُ كَالْوَدِيعَةِ عِنْدَ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالنَّقْدَيْنِ فَقَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُفْسَخُ إنْ نَزَلَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِحُصُولِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى التَّأْخِيرِ اهـ.

فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا زَادَ التَّأْخِيرُ عَلَى الثَّلَاثَةِ بِغَيْرِ شَرْطٍ كَانَ تَأْخِيرًا طَوِيلًا؛ لِأَنَّ حَدَّ الْقَصِيرِ مَا كَانَ دُونَ الثَّلَاثِ، وَأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ يُفْسَخُ وَحَيْثُ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَجَازَ بِخِيَارٍ لِمَا يُؤَخَّرُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ)

ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْخِيَارِ: وَلَا بَأْسَ بِالْخِيَارِ فِي السَّلَمِ إلَى أَمَدٍ قَرِيبٍ يَجُوزُ تَأْخِيرُ النَّقْدِ إلَى مِثْلِهِ كَيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ إذَا لَمْ يُقَدِّمْ رَأْسَ الْمَالِ فَإِنْ قَدَّمَهُ كَرِهْتُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً وَإِنْ تَبَاعَدَ أَجَلُ الْخِيَارِ كَشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ لَمْ يَجُزْ قُدِّمَ النَّقْدُ أَمْ لَا وَلَا يَجُوزُ الْخِيَارُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْبُيُوعِ إلَى هَذَا الْأَجَلِ فَإِنْ عُقِدَ الْبَيْعُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ تَرَكَ الْخِيَارَ مُشْتَرِطُهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَمْ يَجُزْ لِفَسَادِ الْعَقْدِ اهـ.

قَالَ عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ ابْنُ مُحْرِزٍ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا وَلَمْ يَذْكُرْ لَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً أَوْ دَارًا وَاسْتَصْوَبَ أَنْ يَعْتَبِرَ الْجِنْسَ الَّذِي هُوَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ الَّذِي اُشْتُرِطَ الْخِيَارُ فِيهِ فَيُضْرَبُ لَهُ مِنْ الْأَجَلِ أَجَلٌ مِثْلُهُ عِيَاضٌ، وَظَاهِرُ الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ اخْتِيَارِهِ وَتَعْلِيلِهِ بِأَنَّ لَهُمَا إجَازَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>