للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُؤَخِّرَ رَأْسَ الْمَالِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، وَقَوْلُهُ: فَلَمَّا اُشْتُرِطَ الْخِيَارُ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَيْهِ جَازَ، وَهُوَ أَبْيَنُ؛ وَلِأَنَّا إذَا ضَرَبْنَا مِثْلَ ذَلِكَ الْأَجَلَ فِي السَّلَمِ فَحُشَ وَكَثُرَ فِيهِ الْعُذْرُ وَلَمْ يَدْرِ مُسَلِّمُ الدَّارِ مَتَى يَخْتَارُهَا صَاحِبُ الطَّعَامِ هَلْ السَّاعَةَ فَيَكُونُ انْتِظَارُ قَبْضِ طَعَامِهِ إلَى شَهْرٍ أَوْ هَلْ يَخْتَارُهَا آخِرَ الشَّهْرِ فَيَسْتَأْنِفُ انْتِظَارَ سَلَمِهِ مِنْهُ إلَى شَهْرَيْنِ وَقَدْ تَتَّضِعُ الْأَسْوَاقُ أَوْ تَرْتَفِعُ اهـ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمَدُ الْخِيَارِ هُنَا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ مِمَّا يَجُوزُ الْخِيَارُ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِاتِّفَاقٍ وَلَا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَمْنَعُ تَأْخِيرَ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا يَجُوزُ الْخِيَارُ فِيهِ وَلَوْ بِيعَ بِالنَّقْدِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ لَا اهـ.

وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ مُحْرِزٍ وَرَدَّهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَنَصُّهُ، ابْنُ مُحْرِزٍ: ظَاهِرُ قَوْلِهَا أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ عَيْنٌ وَرُبَّمَا كَانَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً أَوْ ثِيَابًا أَوْ دَارًا وَأَمَدُ الْخِيَارِ يَخْتَلِفُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِيعَتْ بِنَقْدٍ أَوْ تَأْخِيرٍ فَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنْ يُعْتَبَرَ ذَلِكَ فِيهَا فَيَضْرِبُ فِيهَا مِنْ الْأَجَلِ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ (قُلْت) لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِسَعَةِ أَمَدِ الْخِيَارِ فِيمَا بِيعَ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ كَوْنُهُ - أَيْ الْخِيَارِ - كَذَلِكَ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ سَلَمًا؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْفَسَادِ فِي تَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إنَّمَا هُوَ الْأَجَلُ الَّذِي يَئُولُ بِهِ أَمْرُهُمَا إلَى الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَالْأَجَلُ فِي بَيْعِ الْأَجَلِ بِعَيْنٍ أَضْعَفُ مِنْهُ بِالسَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ فِي بَيْعِ الْأَجَلِ قَابِلٌ لِلسُّقُوطِ بِتَعْجِيلِ الْمَدِينِ الثَّمَنَ وَيُجْبَرُ رَبُّهُ عَلَى قَبْضِهِ بِخِلَافِ السَّلَمِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَأْثِيرِ الْأَجَلِ الْمَعْرُوضِ لِلسُّقُوطِ الْفَاسِدِ عَدَمُ تَأْثِيرِ الْأَجَلِ الْقَوِيِّ ذَلِكَ اهـ.

وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَنْقُدْ مَفْهُومُهُ إنْ نَقَدَ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الثَّانِي يَعْنِي مِنْ شَرْطَيْهِ أَنْ لَا يَنْقُدَ وَلَوْ تَطَوُّعًا وَإِلَّا فَسَدَ اهـ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَبَحَثَ فِيهِ مَا نَصُّهُ: وَهَذَا كُلُّهُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِمَا فَيَجُوزُ فِيهِ التَّطَوُّعُ بِالنَّقْدِ اهـ.

وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَحْوُهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ (تَنْبِيهٌ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: وَإِذَا تَطَوَّعَ بِالنَّقْدِ فِي الْخِيَارِ فِي السَّلَمِ فَأُخْبِرَ بِإِفْسَادِ ذَلِكَ فَرَجَعَ فَأَخَذَ مَا نَقَدَ قَبْلَ تَمَامِ الْخِيَارِ أَوْ بَعْدَهُ صَحَّ السَّلَمُ؛ لِأَنَّ عَقْدَهُ فِي الْأَصْلِ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا أَفْسَدَهُ مَا أَحْدَثَاهُ فَإِذَا أَبْطَلَا مَا أَحْدَثَا لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ الصَّحِيحُ اهـ.

وَأَمَّا اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فَهُوَ مُفْسِدٌ لِبَيْعِ الْخِيَارِ وَتَقَدَّمَ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْبَيْعُ وَإِنْ أُسْقِطَ شَرْطُ النَّقْدِ فَأَحْرَى هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (وَبِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ)

ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَوْ حَلَّ أَجَلُ الطَّعَامِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي هِيَ رَأْسُ الْمَالِ اهـ.

وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ حَارِثٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَبِجُزَافٍ)

ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالْمُجَازَفَةُ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ جَائِزَةٌ كَالْبَيْعِ اتِّفَاقًا اهـ، وَقَوْلُهُ: غَيْرُ الْعَيْنِ يُرِيدُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَلِّمَ تِبْرًا أَوْ نَقَّارًا مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ جُزَافًا لَا يَعْلَمَانِ وَزْنَهُمَا فِي سِلْعَةٍ إلَى أَجَلٍ اهـ.

وَإِنَّمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بِجُزَافٍ وَأَطْلَقَ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ شُرُوطُهُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْبَيْعِ قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَجَازَ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ وَجُزَافٍ بِشَرْطٍ عَلَى الْمَعْرُوفِ اهـ.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (وَتَأْخِيرِ حَيَوَانٍ بِلَا شَرْطٍ)

ش: قَالَ فِي أَوَائِلِ السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ التَّهْذِيبِ: وَإِذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا أَوْ حَيَوَانًا بِعَيْنِهِ فَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ إلَى الْأَجَلِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِشَرْطٍ فَسَدَ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ وَكَانَ ذَلِكَ هُرُوبًا مِنْ أَحَدِهِمَا فَالْبَيْعُ نَافِذٌ مَعَ كَرَاهَةِ مَالِكٍ لَهُمَا فِي ذَلِكَ التَّأْخِيرِ الْبَعِيدِ بِغَيْرِ شَرْطٍ اهـ.

وَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ تَأْخِيرَ الْحَيَوَانِ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَمَّا تَأْخِيرُهُ فَالشَّرْطُ زِيَادَةٌ عَلَى الثَّلَاثِ يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَأَمَّا بِغَيْرِ شَرْطٍ فَفِي الْفَسَادِ قَوْلَانِ فِي الْعَيْنِ خَاصَّةً وَلَا يَفْسُدُ تَأْخِيرُ الْعَرْضِ وَلَكِنْ يُكْرَهُ اهـ.

فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>