للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهَا وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ فَيَكُونُ فِي ثُلُثِهِ قَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ أَصْبَغُ مَا لَمْ يُكْثِرْ جِدًّا، وَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَأَمَّا بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَنِكَاحُهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَجْرِي عَلَى عِوَضٍ، وَلَا يَقْصِدُ بِهِ قَصْدَ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ وَلِيِّهِ إنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ قَدَّمَ لَهُ الْقَاضِي نَاظِرًا لَهُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ نَظَرَ الْوَصِيِّ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَلَكَ أَمْرَهُ كَانَ هُوَ مُخَيَّرًا فِي رَدِّ ذَلِكَ وَإِجَازَتِهِ اهـ. وَلَا تَظُنُّ أَنَّ هَذَا مُعَارِضٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ. لَا ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ الْمَذْكُورَ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ حُكِمَ لَهُ بِأَنَّ فِعْلَهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْإِجَازَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَهَذَا الْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ حُكِمَ لَهُ بِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يَجُوزُ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَذَكَرَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ كَلَامَ صَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ بِلَفْظٍ لَا يَخْتَلِفُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَبْلَ الْبُلُوغِ مَحْمُولٌ عَلَى السَّفَهِ، وَإِنْ ظَهَرَ رُشْدُهُ، وَأَنَّ تَصَرُّفَاتِهِ مِنْ الصَّدَقَاتِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَعْرُوفِ مَرْدُودَةٌ، وَإِنْ أَذِنَ فِيهَا الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ وَتَصَرُّفُ الْمُعَاوَضَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً وَإِلَّا رَدَّهُ اهـ. قَالَ فِي اللُّبَابِ وَقِسْمٌ مِنْ أَفْعَالِهِ لَا يَمْضِي، وَإِنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ، وَهُوَ الْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ اهـ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: " مُمَيِّزٍ " احْتَرَزَ بِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَلَوْ بِالْمُعَاوَضَةِ كَمَا قَالَ فِي الْبَيْعِ: شَرْطُ عَاقِدِهِ تَمْيِيزٌ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ نَبَّهَ بِالْمُمَيِّزِ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ أَحْرَى بِالرَّدِّ غَيْرُ بَيِّنٍ فِي أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ رَدُّ تَصَرُّفِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُمَيِّزِ السَّفِيهِ صَغِيرًا كَانَ، أَوْ بَالِغًا كُلَّمَا كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَإِنَّهُ مَرْدُودٌ وَمَا كَانَ بِعِوَضٍ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ (الثَّالِثُ) قَوْلُهُ: " وَإِنْ رَشَدَ " عَائِدٌ إلَى السَّفِيهِ الْمُمَيِّزِ بَالِغًا كَانَ، أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ فَلَهُ الرَّدُّ إذَا رَشَدَ وَقَوْلُهُ: " أَوْ وَقَعَ الْمَوْقِعَ " ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ وَلَوْ كَانَ وَقَعَ الْمَوْقِعَ يَوْمَ عَقَدَهُ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الشَّامِلِ فَقَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ، أَوْ كَانَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِتَصَرُّفِهِ حَتَّى رَشَدَ فَالنَّظَرُ لَهُ فِيهِ دُونَ الْوَلِيِّ وَلَوْ كَانَ سَدَادًا اهـ.

(الرَّابِعُ) قَوْلُهُ: " وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ " لَوْ قَالَ بَعْدَ رُشْدِهِ لَكَانَ أَبَيْنَ وَأَوْضَحَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ فِي الصِّغَرِ وَالسَّفَهِ.

(الْخَامِسُ) قَالَ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ عِتْقٌ وَلَا هِبَةٌ، وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا بَيْعٌ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ إلَّا أَنْ يُجْبِرَهُ الْآنَ وَأَنَا أَسْتَحِبُّ إمْضَاءَهُ وَلَا أُجْبِرُهُ عَلَيْهِ اهـ. عِيَاضٌ لَهُ رَاجِعٌ لِلْعِتْقِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ لِغَيْرِ ثَوَابٍ وَعَلَى الْجَمِيعِ اخْتَصَرَهُ الْمُخْتَصِرُونَ، وَأَنَا أَسْتَحِبُّ لَهُ إمْضَاءَ جَمِيعِ مَا فَعَلَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّحِيحُ سِوَاهُ، وَلَا أَسْتَحِبُّ لَهُ أَنْ يُمْضِيَ إلَّا مَا كَانَ لِلَّهِ فِيهِ قُرْبَةٌ، وَأَمَّا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِبَادِ مِمَّا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقُرْبَةَ فَأَيُّ اسْتِحْبَابٍ فِي هَذَا وَهَكَذَا جَاءَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ عَلَى مَا تَأَوَّلْنَاهُ. الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ، وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ قُرْبَةٌ بِإِسْعَافِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِإِمْضَاءِ عُقْدَتِهِ لِغِبْطَةٍ بِهَا كَمَا يَكُونُ قُرْبَةً فِي الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ اهـ. مِنْ أَبِي الْحَسَنِ وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ: أَنَّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ فِي حَالِ سَفَهِهِ وَلَوْ لَمْ يَرُدَّهُ مَنْ وُلِّيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَشَدَ، وَهُوَ الَّذِي وَقَعَ فِي آخِرِ أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هُوَ الْأَظْهَرُ خِلَافُ مَا وَقَعَ فِي سَمَاعِ الْمُحَرَّمِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ النُّذُورِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَرُدَّ الْوَلِيُّ عَلَى الْمُوَلِّي حَتَّى مَلَكَ أَمْرَهُ، وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ هُنَا وَكَلَامُ الْمُقَدِّمَاتِ يُرَجِّحُ مَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسُ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بَعْدَ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي السَّفَهِ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَلَكَ أَمْرَهُ كَانَ هُوَ مُخَيَّرًا فِي إجَارَةِ ذَلِكَ، أَوْ رَدِّهِ فَإِنْ رَدَّ بَيْعَهُ، أَوْ ابْتِيَاعَهُ وَكَانَ قَدْ أَتْلَفَ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَ بِهِ، أَوْ السِّلْعَةَ الَّتِي ابْتَاعَهَا لَمْ يُتْبَعْ مَالُهُ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ اهـ.

(السَّابِعُ) : قَالَ فِيهَا أَيْضًا وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>