للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَةً فَأَوْلَدَهَا فَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ وَلَا يُرَدُّ وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِفَوْتٍ كَالْعِتْقِ وَيُرَدُّ، وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْءٌ اهـ.

(الثَّامِنُ) قَالَ فِيهَا أَيْضًا وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ أَنْفَقَ الثَّمَنَ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِمَّا يَلْزَمُهُ إقَامَتُهُ هَلْ يُتْبَعُ مَالُهُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ: قُلْت الَّذِي فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ لِلْأَخَوَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَلِابْنِ فَتُّوحٍ اتِّبَاعُهُ اهـ. فَتَرَجَّحَ الْقَوْلُ بِالِاتِّبَاعِ إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ فِي مَصَالِحِهِ، وَقَالَ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ وَالتَّفْلِيسِ: يَتَحَصَّلُ فِيمَا بَاعَ الْيَتِيمُ دُونَ إذْنِ وَصِيِّهِ، أَوْ الصَّغِيرُ مِنْ عَقَارِهِ وَأُصُولِهِ بِوَجْهِ السَّدَادِ فِي نَفَقَتِهِ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا إذَا كَانَ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَ الَّذِي بَاعَ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ مَا بَاعَهُ مِنْ أُصُولِهِ، ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ (أَحَدُهَا) أَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا يُتْبَعُ بِالثَّمَنِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَضْعَفُ الْأَقْوَالِ.

(وَالثَّانِي) : أَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ إنْ رَأَى ذَلِكَ الْوَصِيُّ وَلَا يَبْطُلُ الثَّمَنُ عَنْ الْيَتِيمِ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ.

(وَالثَّالِثُ) أَنَّ الْبَيْعَ يَمْضِي وَلَا يُرَدُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ، أَوْ بَاعَ مَا غَيْرَهُ أَحَقُّ بِالْبَيْعِ فِي نَفَقَتِهِ فَلَا يُخْتَلَفُ أَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَبْطُلْ الثَّمَنُ عَنْ الْيَتِيمِ لِإِدْخَالِهِ إيَّاهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا بَلَغَ الْيَتِيمُ وَأَنْفَقَ فِي شَهَوَاتِهِ الَّتِي يُسْتَغْنَى عَنْهَا فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ يُرَدُّ الْبَيْعُ وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ كَانَ الَّذِي بَاعَ مِنْ مَالِهِ كَثِيرًا، أَوْ يَسِيرًا أَصْلًا، أَوْ عَرَضًا اهـ.

وَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ الْأَقْوَالَ: إنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَعْنِي قَوْلَ أَصْبَغَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَاخْتَارَهُ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ قَالَ: وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَنْبَغِي غَيْرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَيَكُونُ الْقَوْلُ بِالِاتِّبَاعِ هُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ صُرِّحَ بِأَنَّهُ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ، وَالثَّالِثُ لَمْ يَعُزْهُ، وَضَعْفُهُ ظَاهِرٌ، وَتَرَجَّحَ أَيْضًا بِتَصْدِيرِ ابْنِ رُشْدٍ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَتَرْجِيحِ ابْنِ عَرَفَةَ لَهُ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِمَا وَصَرَّحَ الْمُتَيْطِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْبَيْعِ: بِأَنَّ الْمَحْجُورَ إذَا أَفَاتَ الثَّمَنَ، وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَنْفَقَهُ فِي مَصَالِحِهِ، فَالْمَشْهُورُ أَخْذُهُ مِنْ مَالِهِ، وَنَصُّهُ: " وَلَوْ أَفَاتَهُ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَنْفَقَهُ فِي مَصَالِحِهِ فَفِي أَخْذِهِ مِنْ مَالِهِ لِلْمَشْهُورِ وَنَقَلَ يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ.

وَقَالَ عَنْهُ أَيْضًا فِيمَا إذَا لَمْ يُفَوِّتْهُ: فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ وَكَانَ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِعَيْنِهِ فَيَشْتَرِكُ عَدَمُ مُفَارَقَةِ الْبَيِّنَةِ لَهُ قَالَ: وَإِقْرَارُ السَّفِيهِ بِتَعْيِينِهِ لَغْوٌ اهـ. وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ أَوَّلَ الْكَلَامِ: الْيَتِيمُ، أَوْ الصَّغِيرُ يُرِيدُ وَكَذَلِكَ الْبَالِغُ السَّفِيهُ، وَفَرَضَ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي ذَكَرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِهَا فِي الْبِكْرِ السَّفِيهَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(التَّاسِعُ) قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ: وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُتْبَعُ بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ اهـ.

(الْعَاشِرُ) قَالَ فِيهَا أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الْمُشْتَرِي أَمَةً فَأَوْلَدَهَا، أَوْ أَعْتَقَهَا، أَوْ غَنَمًا فَتَنَاسَلَتْ، أَوْ بُقْعَةً فَبَنَاهَا، أَوْ شَيْئًا لَهُ غَلَّةٌ فَاغْتَلَّهُ كَانَ حُكْمُهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ حُكْمَ مَنْ اشْتَرَى مِنْ مَالِكٍ فِيمَا يَرَى فَاسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ مَا اشْتَرَى بَعْدَ أَنْ أَحْدَثَ فِيهَا مَا ذَكَرْت، يَرُدُّ إلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ الْأَمَةَ الَّتِي أُعْتِقَتْ، وَيُنْتَقَضُ الْعِتْقُ فِيهَا، وَتَأْخُذُ الْأَمَةُ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْهُ، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَعْلُومِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ بِتَزْوِيجِ أَحَدِهِمْ مَعَ الْأُمِّ، وَكَذَلِكَ يَأْخُذُ الْغَنَمَ وَنَسْلَهَا وَكَانَ لَهُ فِيمَا بَنَاهُ قِيمَةُ بِنَائِهِ قَائِمًا وَكَانَتْ الْغَلَّةُ الَّتِي اغْتَلَّ لَهُ بِالضَّمَانِ هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ مُتَعَدٍّ فِي الْبَيْعِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ لِسَفَهٍ يَقْصِدُهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ يَرُدُّ الْغَلَّةَ وَكَانَ لَهُ قِيمَةُ بِنَائِهِ مَقْلُوعًا اهـ. فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ بَيْعَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ حُكْمُهُ مَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْحَادِيَ عَشَرَ) قَالَ فِي الْبَيَانِ إثْرَ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ فِيمَا بَاعَ وَقَبَضَ مِنْ الثَّمَنِ أَنَّهُ إنْ أَنْفَقَهُ فِيمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ حَتَّى يُثْبِتَ أَنَّهُ أَنْفَقَهُ فِيمَا لَيْسَ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ اهـ.

(الثَّانِي عَشَرَ) قَالَ فِي التَّلْقِينِ مَنْ اسْتَدَانَ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ دَيْنًا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ، ثُمَّ فُكَّ حَجْرُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ فِيمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ كَالسَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ وَلَزِمَ فِيمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ غَيْرِهِ كَالْعَبْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>