ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَعُلِمَ مِنْ كَوْنِ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى السَّفِيهِ الْبَالِغِ الَّذِي لَا حَجْرَ عَلَيْهِ أَنَّ مَجْهُولَ الْحَالِ لَا تُرَدُّ أَفْعَالُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمُقَدِّمَاتِ اتِّفَاقًا: وَإِنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْبَالِغِ السَّفِيهِ الْمُهْمَلِ الذِّكْرِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ دُونَ الْبُلُوغِ، فَأَفْعَالُهُ مَرْدُودَةٌ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ.
وَأَمَّا الْأُنْثَى الْمُهْمَلَةُ السَّفِيهَةُ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَيْضًا بِمَاذَا تَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ، وَذَكَرَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ أَفْعَالَهَا جَائِزَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرِوَايَةُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّانِي أَنَّ أَفْعَالَهَا مَرْدُودَةٌ مَا لَمْ تُعَنِّسْ، أَوْ تَتَزَوَّجْ وَيَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا وَتُقِيمُ مَعَهُ مُدَّةً يُحْمَلُ أَمْرُهَا فِيهَا عَلَى الرُّشْدِ قِيلَ أَقْصَاهَا الْعَامُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: الَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ الْعَمَلَ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا حَتَّى يَمُرَّ بِهَا فِي بَيْتِ زَوْجِهَا مِثْلُ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ أَفْعَالَهَا مَرْدُودَةٌ قَبْلَ هَذَا وَانْظُرْ هَلْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ؟ وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى دُخُولُ زَوْجٍ إلَخْ وَيَكُونُ الْمُؤَلِّفُ مَشَى عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَيَكُونُ قَوْلُهُ شَهَادَةَ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا فِي هَذِهِ بِأَنْ تُقِيمَ مُدَّةً يُحْمَلُ أَمْرُهَا فِيهَا عَلَى الرُّشْدِ، أَوْ نَقُولُ لَيْسَتْ دَاخِلَةً وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ خَاصٌّ بِذَاتِ الْأَبِ، أَوْ الْوَصِيِّ، وَأَمَّا الْمُهْمَلَةُ فَحُكْمُهَا مَا تَقَدَّمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا غَيْرُ دَاخِلَةٍ وَالْمَشْهُورُ فِيهَا مُخْتَلِفٌ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْبَيَانِ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ ذَاتِ الْأَبِ وَالْمُهْمَلَةِ سَبْعَةَ أَقْوَالٍ وَذَكَرَ الْمَشْهُورَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ، وَنَصُّهُ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةِ مِنْ سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الْمِدْيَانِ وَالتَّفْلِيسِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَاتَيْنِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَقِيلَ فِي ذَاتِ الْأَبِ: إنَّهَا تَخْرُجُ بِالْحَيْضِ مِنْ وِلَايَةِ أَبِيهَا، وَقِيلَ: إنَّهَا لَا تَخْرُجُ بِهَا حَتَّى تَتَزَوَّجَ وَيَمُرَّ بِهَا عَامٌ وَنَحْوُهُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَقِيلَ: عَامَانِ، وَقِيلَ: سَبْعَةٌ.
وَقِيلَ: لَا تَخْرُجُ، وَإِنْ طَالَتْ إقَامَتُهَا مَعَ زَوْجِهَا حَتَّى يَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا وَقِيلَ: تَخْرُجُ بِالتَّعْنِيسِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ تَعْنِيسِهَا فَقِيلَ: أَرْبَعُونَ، وَقِيلَ مِنْ خَمْسِينَ إلَى سِتِّينَ، وَقِيلَ: أَفْعَالُهَا جَائِزَةٌ بَعْدَ التَّعْنِيسِ إذَا أَجَازَهَا الْوَلِيُّ فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ، وَقِيلَ فِي الْيَتِيمَةِ الْمُهْمَلَةِ: إنَّ أَفْعَالَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ جَائِزَةٌ، وَقِيلَ: لَا تَجُوزُ حَتَّى يَمُرَّ بِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ الْعَامُ وَنَحْوُهُ، أَوْ الْعَامَانِ وَنَحْوُهُمَا، وَقِيلَ: الثَّلَاثَةُ الْأَعْوَامُ وَنَحْوُهَا، وَقِيلَ: حَتَّى تَدْخُلَ، وَيَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا، وَقِيلَ: إذَا عَنَّسَتْ، وَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ، وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ مِنْ الثَّلَاثِينَ سَنَةً وَمِمَّا دُونَ الثَّلَاثِينَ إلَى الْخَمْسِينَ وَالسِّتِّينَ، وَهُوَ انْقِطَاعُ الْحَيْضِ فَهَذِهِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ سَابِعٌ، وَهُوَ أَنْ تَجُوزَ أَفْعَالُهَا بِمُرُورِ سَبْعَةِ أَعْوَامٍ مِنْ دُخُولِهَا وَالْمَشْهُورُ فِي الْبِكْرِ ذَاتِ الْأَبِ: أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ وِلَايَةِ أَبِيهَا انْتَهَى.
وَلَا تَجُوزُ أَفْعَالُهَا، وَإِنْ تَزَوَّجَتْ حَتَّى يَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى صَلَاحِ أَمْرِهَا وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنْ تَكُونَ أَفْعَالُهَا جَائِزَةً إذَا مَرَّتْ بِهَا سَبْعَةُ أَعْوَامٍ مِنْ دُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا عَلَى رِوَايَةٍ مَنْسُوبَةٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَشْهُورُ فِي الْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ الْمُهْمَلَةِ أَنْ تَكُونَ أَفْعَالُهَا جَائِزَةً إذَا عَنَّسَتْ وَمَضَى لِدُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا الْعَامُ، وَهُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فَإِنْ عَنَّسَتْ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا جَازَتْ أَفْعَالُهَا بِاتِّفَاقٍ إذَا عُلِمَ رُشْدُهَا، أَوْ جُهِلَ حَالُهَا، وَرُدَّتْ إنْ عُلِمَ سَفَهُهَا هَذَا الَّذِي أَعْتَقِدُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مِنْهَاجِ قَوْلِهِمْ انْتَهَى. وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ جَازَتْ أَفْعَالُهَا بِاتِّفَاقٍ إذَا عُلِمَ رُشْدُهَا، أَوْ جُهِلَ حَالُهَا أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَالْمَشْهُورُ فِي الْمُهْمَلَةِ أَنَّ أَفْعَالَهَا جَائِزَةٌ إذَا عَنَّسَتْ أَوْ مَضَى لِدُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا الْعَامُ أَنَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُعْلَمْ سَفَهُهَا وَالْأَقْوَالُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي ذَاتِ الْأَبِ جَمِيعُهَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ سَفَهُهَا، وَأَمَّا إنْ عُلِمَ سَفَهُهَا فَأَفْعَالُهَا مَرْدُودَةٌ هَكَذَا قَيَّدَ جَمِيعَهَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ لَهُ وَكَذَلِكَ الْمُهْمَلَةُ إذَا عُلِمَ سَفَهُهَا فَلَا تَجُوزُ أَفْعَالُهَا إلَّا قَوْلَ سَحْنُونٍ، وَهُوَ شَاذٌّ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute