للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنَاسِكِ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ص (أَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ الْمُسْتَبَاحِ)

ش: مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يُصَلِّي بِهِ الظُّهْرَ وَلَا يُصَلِّي بِهِ الْعَصْرَ أَوْ يَنْوِيَ أَنْ يَمَسَّ بِهِ الْمُصْحَفَ دُونَ الصَّلَاةِ هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى اسْتِنَابَةَ شَيْءٍ مَخْصُوصٍ وَلَمْ يَخْرُجْ غَيْرُهُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى، لَكِنَّ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ جَارِيَةٌ فِي السُّورَتَيْنِ فَقِيلَ: يَسْتَبِيحُ الْجَمِيعَ، وَقِيلَ: لَا يَسْتَبِيحُ شَيْئًا، وَقِيلَ: يَسْتَبِيحُ مَا نَوَاهُ. أَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى فَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ الْخِلَافَ فِيهَا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَحَكَى الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ زَرْقُونٍ أَنَّهُ حَكَى الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ فِيهَا، وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْبَاجِيِّ أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ مَا نَوَاهُ اتِّفَاقًا، وَفِي غَيْرِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَشْهُورُ يَسْتَبِيحُهُ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ أَعْنِي إذَا أَخْرَجَ بَعْضَ الْأَحْدَاثِ وَالْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ إذَا أَخْرَجَ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ أَعْنِي رَفْعَ الْحَدَثِ وَالْفَرْضِ وَاسْتِبَاحَةَ مَمْنُوعٍ حَيْثُ قُلْتُمْ بِالْإِجْزَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ دُونَ الْأُخْرَيَيْنِ؟

(فَالْجَوَابُ) مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ إخْرَاجَ بَعْضِ الْمُسْتَبَاحِ رَاجِعٌ إلَى مُتَعَلِّقِ النِّيَّةِ، وَإِخْرَاجَ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ رَاجِعٌ إلَى نَفْسِ النِّيَّةِ فَالتَّنَاقُضُ الْأَوَّلُ خَارِجٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ، وَالثَّانِي رَاجِعٌ إلَى الْمَاهِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى.

(قُلْتُ) وَكَذَا إخْرَاجُ بَعْضِ الْأَحْدَاثِ رَاجِعٌ إلَى الْمَاهِيَّةِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ص (أَوْ نَسِيَ حَدَثًا لَا أَخْرَجَهُ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَحْدَثَ أَحْدَاثًا فَنَوَى حَدَثًا مِنْهَا نَاسِيًا غَيْرَهُ أَجْزَأَهُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْحُكْمِ فَإِنْ نَوَى حَدَثًا وَأَخْرَجَ غَيْرَهُ كَمَا لَوْ بَالَ وَتَغَوَّطَ وَنَوَى رَفْعَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّ النِّيَّةَ تَفْسُدُ بِذَلِكَ لِلتَّنَاقُضِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ نَوَى حَدَثًا وَلَمْ يَنْوِ الْآخَرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ فَيَتَعَارَضُ فِيهِ مَفْهُومَا كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَمَفْهُومُ قَوْلِهِ نَسِيَ حَدَثًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَاكِرًا لَهُ لَمْ يُجْزِهِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ أَخْرَجَهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ أَجْزَأَهُ وَالثَّانِي أَظْهَرُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَوْ كَانَ ذَاكِرًا لِغَيْرِهِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ فَظَاهِرُ النُّصُوصِ الْإِجْزَاءُ وَسَوَاءٌ ذَكَرَ الْحَدَثَ الْأَوَّلَ أَمْ لَا وَالْخِلَافُ خَارِجُ الْمَذْهَبِ كَثِيرٌ وَفَرَّقَ بَعْضُ الْمُخَالِفِينَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ الْحَدَثَ الْأَوَّلَ فَيُجْزِئُهُ وَبَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهُ فَلَا يُجْزِئُهُ إذْ الْمُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِ الطَّهَارَةِ إنَّمَا هُوَ الْأَوَّلُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَبِلَهُ.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: فَلَوْ نَوَى حَدَثًا غَيْرَ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ غَلَطًا فَنَصَّ بَعْضُ الْمُخَالِفِينَ عَلَى الْإِجْزَاءِ وَهُوَ أَيْضًا صَحِيحٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَبِلَهُ.

(قُلْتُ) وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ غَلَطًا أَنَّهُ لَوْ نَوَى حَدَثًا غَيْرَ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ عَمْدًا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

ص (أَوْ نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ)

ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمَازِرِيِّ: لَوْ قَصَدَ الطَّهَارَةَ الْمُطْلَقَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ قِسْمَانِ: طَهَارَةُ نَجَسٍ وَطَهَارَةُ حَدَثٍ، فَإِذَا قَصَدَ قَصْدًا مُطْلَقًا وَأَمْكَنَ صَرْفُهُ لِلنَّجَسِ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ.

(تَنْبِيهٌ) هَذَا الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ فِي الشَّامِلِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَغَيْرُهُ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِيهِ قَالَ فِي تَهْذِيبِ الْبَرَاذِعِيِّ: وَمَنْ تَوَضَّأَ لِصَلَاةِ نَافِلَةٍ أَوْ قِرَاءَةِ مُصْحَفٍ أَوْ لِيَكُونَ عَلَى طُهْرٍ أَجْزَأَهُ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: يُرِيدُ بِهِ الصَّلَاةَ انْتَهَى. وَلَفْظُ الْأُمِّ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ تَوَضَّأَ يُرِيدُ صَلَاةَ النَّافِلَةِ أَوْ قِرَاءَةً فِي الْمُصْحَفِ أَوْ يُرِيدُ بِهِ طُهْرَ صَلَاةٍ فَذَلِكَ يُجْزِئُهُ. قَالَ سَنَدٌ مَا ذَكَرَهُ صَحِيحٌ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ وَهَذَا هُوَ رَفْعُ الْحَدَثِ مُطْلَقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>