للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ رُشْدٍ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ إلَّا أَنْ يُنَكِّبَهُ، وَنَقَلَهُ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ ثُمَّ قَالَ: قِيلَ لَهُ: يُنَكِّبُهُ قَدْرَ ذِرَاعٍ، أَوْ ذِرَاعَيْنِ قَالَ: قَدْرَ مَا يَرَى أَنَّهُ يُزَالُ بِهِ الضَّرَرُ عَنْ الَّذِي قُبَالَتُهُ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ بَطَّالٍ فِي مُقْنِعِهِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الضَّرَرِ نَاقِلًا عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ: إنَّ مَنْ كَانَ لَهُ حَائِطٌ مُصِمَّةٌ فِي سِكَّةٍ فَكَانَ ابْنُ الْعَطَّارِ يَقُولُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ مَنْ أَرَادَ فَتْحَ بَابٍ فِي السِّكَّةِ حِذَاءَ حَائِطِهِ، وَكَانَ ابْنُ عَتَّابٍ يَقُولُ: لَهُ مَنْعُهُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ بَابٌ الْبُرْزُلِيُّ قُلْت: هَذَا الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْحَقِّ فِي الْفِنَاءِ هَلْ يَخْتَصُّ بِمَنْفَعَتِهِ، فَيَكُونُ لَهُ حَقٌّ فِي الزُّقَاقِ، أَوْ لَا فَلَا يَكُونُ لَهُ حَقٌّ انْتَهَى.

(قُلْت:) سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَهُ مِنْ أَنْ يَفْتَحَ بِقُرْبِ جِدَارِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَفْتَحَ أَيْضًا فِي جِدَارِي فَلَا تَقْرَبْ مِنِّي حَتَّى لَا تُضَيِّقَ عَلَيَّ، فَإِمَّا أَنْ يَفْتَحَا جَمِيعًا، أَوْ يَمْنَعَا جَمِيعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (السَّادِسُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى السِّكَّةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِنَافِذَةٍ وَنَقَلَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ السَّابِقَ مَا نَصُّهُ: وَلَمْ يَحْكِ الْمُتَيْطِيُّ إلَّا مَنْعَ إحْدَاثِ الْبَابِ، أَوْ تَحْوِيلِ الْقَدِيمِ لِقُرْبِ بَابِ جِدَارِهِ بِحَيْثُ يَضُرُّهُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ حَوَّلَهُ عَلَى بُعْدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ قِيَامٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْهُمْ شَيْئًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ انْتَهَى.

(قُلْت:) مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ هُوَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ وَكَرَّرَ الْكَلَامَ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي بِهِ الْقَضَاءُ ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْبَاجِيُّ وَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ ثُمَّ كَتَبَ فِي هَامِشِ النُّسْخَةِ وَفِي آخِرِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ رَاعَى الضَّرَرَ فِي ذَلِكَ وَكُتِبَ عَلَيْهِ أَصْلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (السَّابِعُ) تَقَدَّمَ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: إلَّا بَابًا إنْ نُكِّبَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السِّكَّةِ الطَّوِيلَةِ وَالْقَصِيرَةِ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي السِّكَّةِ غَيْرِ النَّافِذَةِ ظَاهِرُهُ طَوِيلَةً كَانَتْ، أَوْ قَصِيرَةً، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ النَّافِذَةِ وَغَيْرِ النَّافِذَةِ إنَّمَا هُوَ بِعُذْرِ كَثْرَةِ الْمُرُورِ فَإِذَا كَانَتْ السِّكَّةُ طَوِيلَةً كَانَتْ كَالنَّافِذَةِ، سُئِلَ الشَّيْخُ يَعْنِي نَفْسَهُ عَمَّنْ لَهُ فِي أَقْصَى هَذِهِ السِّكَّةِ غَيْرِ النَّافِذَةِ قَاعَةٌ هَلْ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا مِمَّنْ يَبْنِيهَا، أَوْ لِأَهْلِ السِّكَّةِ مَنْعُهُ فَقَالَ لَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهُ كَمَا لَهُ هُوَ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا وَيُسْكِنَ مَعَهُ مَنْ شَاءَ انْتَهَى.

وَمَا ذَكَرَهُ لَمْ أَرَ مَنْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي التَّنْبِيهِ الْخَامِسَ عَشَرَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ بَطَّالٍ (الثَّامِنُ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَيْضًا: قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لِأَنَّهُ يَقُولُ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَفْتَحُ فِيهِ بَابَك لِي فِيهِ مِرْفَقٌ وَأَفْتَحُ فِيهِ بَابِي وَأَنَا فِي سُتْرَةٍ الشَّيْخُ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْبَابَ كَانَ هُنَاكَ مَفْتُوحًا لَا أَنَّهُ أَرَادَ إنْشَاءَ الْبَابَ، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ أَحِلُّ فِيهِ بَابِي وَأَنَا فِي سُتْرَةٍ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الْإِنْشَاءَ لَكَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ فَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا، أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَإِمَّا أَنْ يُمْنَعَا جَمِيعًا، أَوْ يَفْتَحَا جَمِيعًا انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ: أَحِلُّ فِيهِ بَابِي هَذَا اللَّفْظُ يَسْتَعْمِلُهُ الْمَغَارِبَةُ بِمَعْنَى أَفْتَحُ بَابِي الْمَغْلُوقَ (التَّاسِعُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ: وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُتَيْطِيُّ الْحَدِيثَ السَّابِقَ فِي تَحْدِيدِ الطَّرِيقِ قَالَ: الْمِيتَاءُ الْوَاسِعَةُ انْتَهَى.

(قُلْت:) وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُتَيْطِيَّةِ بَلْ رَأَيْت فِي هَامِشِ نُسْخَةٍ مِنْهَا: تَأَمَّلْ الْمِيتَاءَ مَا هِيَ، وَتَفْسِيرُ الْمِيتَاءِ بِالْوَاسِعَةِ قَوْلٌ ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي، وَغَيْرِهِ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَأَهْلِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ قَالَ فِي الصِّحَاحِ فِي فَصْلِ الْهَمْزَةِ مِنْ بَابِ الْمُعْتَلِّ: وَالْمِيتَاءُ الطَّرِيقُ الْعَامِرَةُ وَمُجْتَمَعُ الطَّرِيقِ أَيْضًا مِيتَاءُ وَسِيَرَاءُ انْتَهَى. وَقَالَ الْمُطَرِّزِيُّ فِي الْمُقَرَّبِ: وَطَرِيقٌ مِيتَاءُ تَأْتِيهِ النَّاسُ كَثِيرًا وَهُوَ مِفْعَالٌ مِنْ الْإِتْيَانِ وَنَظِيرُهُ دَارٌ مِحْلَالٌ الَّتِي تُحَلُّ كَثِيرًا اهـ. وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ فِي بَابِ الْمِيمِ مَعَ التَّاءِ وَفِي حَدِيثِ اللُّقَطَةُ مَا وَجَدْت فِي طَرِيقٍ مِيتَاءَ فَعَرِّفْهُ سَنَةً أَيْ طَرِيقٍ مَسْلُوكٍ وَهُوَ مِفْعَالٌ مِنْ الْإِتْيَانِ وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ وَبَابُهُ الْهَمْزَةُ انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْمِيمِ تَسْهِيلًا عَلَى الطَّالِبِ عَلَى عَادَتِهِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ فِي بَابِ الْمِيمِ وَفِي الْحَدِيثِ طَرِيقٌ مِيتَاءُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>