انْتَهَى فَقَوْلُهُ فَلَمْ يَرَ لَهَا فِيمَا أَشْهَدَ لَهَا بِهِ مَنْفَعَةً إذْ لَمْ يُشْهِدْ لَهَا عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمُجْمَلِ لَا يَصِحُّ وَنَقَلَ ابْنُ سَلْمُونٍ فِي وَثَائِقِهِ فِي بَابِ الْوَصَايَا فِيهِ الْخِلَافَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ وَنَصُّهُ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ، فَإِنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ هَذِهِ وَلَدَتْ مِنِّي وَلَا وَلَدَ لَهَا فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهَا جَازَ إقْرَارُهُ وَعَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ وَرَقَّتْ، وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا، وَقَدْ كَانَ أَقَرَّ لَهَا فِي صِحَّتِهِ بِجَمِيعِ مَا فِي بَيْتِهَا مِنْ الثِّيَابِ وَالْمَاعُونِ وَالْحُلِيِّ وَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهَا، وَكَذَلِكَ إنْ أَشْهَدَ لَهَا بِهِ مُجْمَلًا وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَهَا بِذَلِكَ، فَلَا يَكُونُ لَهَا إلَّا الشَّيْءُ الْخَفِيفُ مِثْلُ كِسْوَتِهَا وَشِبْهُ ذَلِكَ وَإِنْ ادَّعَتْهُ وَكَانَ مِنْ زِيِّهَا وَهِيَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ وَيَكْتُبُ فِي ذَلِكَ عَقْدًا أَشْهَدَ فُلَانٌ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ بَرِئَ مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ فُلَانَةَ مِنْ عَلَقِهِ كُلِّهَا وَتَبِعَاتِهِ أَجْمَعْهَا وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَا مَرْفُوعَ لَهُ عِنْدَهَا وَلَا مُودَعَ وَلَا فِي ذِمَّتِهَا، وَلَا فِي أَمَانَتِهَا وَأَنَّ مَا يُغْلَقُ عَلَيْهِ مَوْضِعُ سُكْنَاهَا مَعَهُ مِنْ الْأَثَاثِ وَالْمَتَاعِ وَمَا بِيَدِهَا مِنْ الْحُلِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ شَاكِلَةُ النِّسَاءِ، فَهُوَ مَالُهَا وَمَتَاعُهَا لَا حَقَّ لَهُ مَعَهَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَمَنْ ادَّعَى فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِدَعْوَى أَوْ طَالَبَهَا بِمَطْلَبٍ بِسَبَبِهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَمَطْلَبُهُ بَاطِلٌ وَدَعْوَاهُ كَاذِبَةٌ أَوْ قَصَدَ تَحْلِيفَهَا أَوْ تَحْنِيثَهَا، فَاَللَّهُ حَسِيبُهُ وَسَائِلُهُ إشْهَادًا صَحِيحًا، وَكَذَلِكَ تُعْقَدُ لِلزَّوْجَةِ إنْ نَسَبَهَا إلَى ذَلِكَ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مُوجِبِ هَذِهِ الْوَثِيقَةِ فَقَالَ ابْن زَرْبٍ ذَلِكَ لَهَا، وَيَصِحُّ إشْهَادُهُ بِذَلِكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ وَحُكِيَ أَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ كَانَ يُفْتِي بِأَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا مَا يَجِبُ عَلَيْهَا فِيهِ الْيَمِينُ قَالَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْيَمِينِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: عَقْدُ مِثْلِ هَذِهِ الْوَثِيقَةِ لَا يَجُوزُ وَإِقْرَارُهُ لَا يَصِحُّ وَإِشْهَادُهُ وَعَدَمُ إشْهَادِهِ سَوَاءٌ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْإِشْهَادُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْإِشْهَادُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ وَسُئِلَ ابْنُ زَرْبٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَقَالَ: أَمَّا مَا كَانَ مِنْ زِيِّهَا أَوْ زِيِّهِ فَلَا تَأْخُذُهُ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهَا، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ زِيِّهَا فَإِنَّهَا تَأْخُذُهُ بِلَا يَمِينٍ وَأَفْتَى ابْنُ وَضَّاحٍ الْمُرْسِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ إلَّا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ ثِيَابِهِ أَوْ زِيِّهِ أَوْ عُرُوضٍ أَوْ طَعَامٍ، فَهُوَ مَوْرُوثٌ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ وَيُعَيِّنَهُ الشُّهُودُ انْتَهَى.
ص (لِأَهْلٍ لَمْ يُكَذِّبْهُ)
ش: اُحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ لَمْ يُكَذِّبْهُ مِمَّا إذَا قَالَ: لَا أَعْلَمُ لِي عَلَيْكَ شَيْئًا، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: نَعَمْ لِي عَلَيْكَ فَأَنْكَرَ الْمُقِرُّ، فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ إنْكَارُهُ.
نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ وَنَصُّ النَّوَادِرِ مَنْ أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ: مَا لِي عَلَيْكَ شَيْءٌ فَقَدْ بَرِئَ بِذَلِكَ فَإِنْ أَعَادَ الْمُقِرُّ الْإِقْرَارَ بِالْأَلْفِ فَقَالَ الْآخَرُ أَجَلْ هِيَ لِي عَلَيْكَ أَخَذْتُهُ بِهَا قَالَ سَحْنُونٌ: إذَا قَالَ لَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْآخَرُ: مَا لِي عَلَيْك شَيْءٌ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: هِيَ لِي عَلَيْكَ فَأَنْكَرَهَا الْمُقِرُّ فَالْمُقِرُّ مُصَدَّقٌ، وَلَا شَيْءَ لِلطَّالِبِ، وَلَكِنْ إنْ قَالَ الطَّالِبُ: مَا أَعْلَمُ لِي عَلَيْكَ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ نَعَمْ هِيَ لِي عَلَيْكَ فَأَنْكَرَ الْمُقِرُّ، فَهَهُنَا يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ وَلَا يَنْفَعُهُ إنْكَارُهُ، وَإِنْ قَالَ هَذِهِ الْجَارِيَةُ غَصَبْتُهَا مِنْ فُلَانٍ فَقَالَ فُلَانٌ: لَيْسَتْ لِي لَمْ يَلْزَمْ الْمُقِرَّ شَيْءٌ فَإِنْ أَعَادَ الْإِقْرَارَ فَادَّعَاهَا الطَّالِبُ دُفِعَتْ إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لَكَ فَقَالَ الْآخَرُ هُوَ لَيْسَ لِي، ثُمَّ قَالَ هُوَ لِي قَبْلَ أَنْ يُعِيدَ الْمُقِرُّ الْإِقْرَارَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْعَبْدُ وَلَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ إنْ أَقَامَهَا؛ لِأَنَّهُ بَرِئَ مِنْهُ انْتَهَى. وَحَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ وَنَصَّهُ إثْرَ قَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ فِي رَسْمِ يُوصَى مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ الْمِائَةُ دِينَارٍ الَّتِي اسْتَوْدَعْتُكَهَا فَيَقُولُ مَا اسْتَوْدَعْتنِيهَا وَلَكِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute