للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَعْطَيْتَنِيهَا قِرَاضًا، وَهَذِهِ مِائَةُ دِينَارٍ رَبِحْت فِيهَا فَلَكَ مِنْهَا خَمْسُونَ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ الْخَمْسِينَ قَالَ: إنْ أَبَى أَنْ يَأْخُذَهَا حَبَسَهَا وَاسْتَأْنَى سِنِينَ لَعَلَّهُ أَنْ يَأْخُذَهَا فَإِنْ أَبَى أَنْ يَأْخُذَهَا تَصَدَّقَ بِهَا قِيلَ لَهُ إنْ مَاتَ فَأَحَبَّ وَرَثَتُهُ أَنْ يَأْخُذُوهَا قَالَ: يَأْخُذُونَهَا إنْ شَاءُوا إذَا أَحَبَّ الْمُقِرُّ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ قُلْت وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِدَفْعِهَا إلَى وَرَثَتِهِ قَالَ: لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِدَفْعِهَا إلَيْهِمْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ يَتَحَصَّلُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.

أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا إلَّا أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ وَيَرْجِعَ إلَى تَصْدِيقِهِ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا لِأَشْهَبَ فِي كِتَابِ إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْهَا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْخَمْسِينَ وَإِنْ رَجَعَ إلَى تَصْدِيقِهِ، وَكَذَّبَ نَفْسَهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَهُنَا، وَفِي وَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ وَنَصُّ مَا فِي رَسْمِ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ.

وَالثَّالِثُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى الْإِنْكَارِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي نَوَازِلِهِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِلْحَاقِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنْ يَأْخُذَهَا إنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ وَرَجَعَ إلَى تَصْدِيقِ صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ صَاحِبُهُ بِالرُّجُوعِ إلَى قَوْلِهِ وَتَكْذِيبِ نَفْسِهِ فَتَحَصَّلَ مِنْ الْقَوْلِ أَنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا بِالرُّجُوعِ إلَى قَوْلِ صَاحِبِهِ كَانَتْ لَهُ الْخَمْسُونَ دُونَ يَمِينٍ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى. وَانْظُرْ آخِرَ كِتَابِ السَّرِقَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ فُلَانًا وَكَذَّبَهُ، وَمَسْأَلَةُ إرْخَاءِ السُّتُورِ وَالنِّكَاحِ الثَّالِثِ فِيمَا إذَا أَقَرَّ الزَّوْجُ بِالْوَطْءِ وَأَنْكَرَتْهُ الْمَرْأَةُ وَمَسْأَلَةُ كِتَابِ الرُّهُونِ فِي اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ فِي الْأَجَلِ وَالثَّمَنِ (مَسْأَلَةٌ) : قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى فَرْعٌ: قَالَ أَشْهَبُ إنْ قُلْت بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ وَدَبَّرْتُهُ وَأَنْكَرَ لَزِمَكَ التَّدْبِيرُ وَتَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ خِدْمَتِهِ الَّتِي تَدَّعِي إلَّا أَنْ يُقِرَّ فَتُعْطِيَهُ مَا بَقِيَ مِنْهُ فَإِنْ اسْتَوْفَيْت بَقِيَ مُدَبَّرًا مُؤَاخَذَةً لَك بِإِقْرَارِك فَإِنْ مِتَّ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ وَإِنْ كَانَ عَلَيْك دَيْنٌ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (كَالْعَبْدِ فِي غَيْرِ الْمَالِ)

ش: وَأَمَّا فِي الْمَالِ. فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي ثَوْبٍ بِيَدِ الْعَبْدِ يَقُولُ فُلَانٌ أَوْدَعَنِيهِ وَسَيِّدُهُ يَدَّعِيهِ فَالسَّيِّدُ مُصَدَّقٌ إلَّا أَنْ يُقِيمَ فُلَانٌ الْبَيِّنَةَ انْتَهَى.

قَالَ فِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَيَحْلِفُ فَإِنْ قَالَ هُوَ لِي حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ لِعَبْدِي أَعْلَمُ أَصْلَ شِرَائِهِ أَوْ مِلْكِهِ، وَأَمَّا إنْ قَالَ هُوَ بِيَدِ عَبْدِي أَوْ حَوْزِهِ فَيَحْلِفُ مَا أَعْلَمُ لَكَ فِيهِ حَقًّا انْتَهَى، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِلَا حَجْرٍ؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ لَهُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ فِيمَا بِيَدِهِ وَمَا جَاوَزَ ذَلِكَ، فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ فَسْخُهُ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ بِيَدِهِ مِنْ وَدِيعَةٍ أَوْ أَمَانَةٍ فَاسْتَهْلَكَهُ، فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ فَسْخُهُ قَالَهُ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ لَهُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ فِي مَالِهِ وَيَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ إنْ عَتَقَ إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ السَّيِّدُ أَوْ السُّلْطَانُ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ.

ص (وَمَرِيضٌ)

ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْحَمَالَةِ وَمَا أَقَرَّ بِهِ الْمَرِيضُ أَنَّهُ فَعَلَهُ فِي صِحَّتِهِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ كَفَالَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهِ لِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَيَكُونُ مِيرَاثًا وَإِنْ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِوَصَايَا كَانَتْ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ وَصِيَّتِهِ لَمْ تَدْخُلْ الْوَصَايَا فِي شَيْءٍ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ انْتَهَى قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَوْلُهُ فِي الْعِتْقِ لَا يَلْزَمُ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَنُفِذُوا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، فَتَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ انْتَهَى، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ بِالْكَفَالَةِ فِي الصِّحَّةِ فِيهِ كَلَامُ الشُّيُوخِ فَانْظُرْ ابْنَ يُونُسَ وَأَبَا الْحَسَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ لِمُلَاطِفِهِ أَوْ لِمَنْ لَمْ يَرِثْهُ)

ش: يَعْنِي لِقَرِيبٍ لَا يَرِثُهُ، وَلَا يُرِيدُ بِذَلِكَ الْأَجْنَبِيَّ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَرِثَهُ وَلَدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ إقْرَارَهُ لِلْأَجْنَبِيِّ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ وَلَدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>