الْمَشْهُورَ فِي ذَلِكَ الْجَوَازُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى قَوْلِهِ: وَالرَّابِعَةُ مَمْنُوعَةٌ. ابْنُ بَشِيرٍ: إجْمَاعًا وَتَرَكَ بَقِيَّةَ كَلَامِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ وَأَمَّا ابْنُ نَاجِي فَاقْتَصَرَ عَلَى آخِرِ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ كَلَامَ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَاللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ.
(الثَّالِثُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَةِ السَّرَفِ فِي الْمَاءِ وَوَجْهُ الْمَنْعِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(الرَّابِعُ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ» يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا التَّأْكِيدُ، وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ زَادَ فِيمَنْ تَوَضَّأَ بِنَفْسِهِ فَزَادَ الرَّابِعَةَ، وَقَوْلُهُ: اسْتَزَادَ فِيمَنْ يُوَضِّئُهُ غَيْرُهُ فَطَلَبَ مِنْ الَّذِي يُوَضِّئُهُ زِيَادَةَ الرَّابِعَةِ
ص (وَتَرْتِيبُ سُنَنِهِ أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ) ش يَعْنِي أَنَّ تَرْتِيبَ سُنَنِ الْوُضُوءِ فِي أَنْفُسِهَا مُسْتَحَبٌّ بِأَنْ يُقَدِّمَ غَسْلَ يَدَيْهِ عَلَى الْمَضْمَضَةِ، وَيُقَدِّمَ الْمَضْمَضَةَ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ، وَيُقَدِّمَ هَذِهِ السُّنَنَ عَلَى مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ، وَكَذَلِكَ تَرْتِيبُ السُّنَنِ مَعَ الْفَرَائِضِ بِأَنْ يُقَدِّمَ السُّنَنَ الْأُوَلَ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ، وَيُقَدِّمَ الْفَرَائِضَ الثَّلَاثَ عَلَى مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ، وَأَمَّا تَرْتِيبُ السُّنَنِ فِي أَنْفُسِهَا فَمُسْتَحَبٌّ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فِيهِ خِلَافًا وَكَذَلِكَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ هَارُونَ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا فَقَالَ: وَفِي سُقُوطِ رَعْيِهِ يَعْنِي التَّرْتِيبَ فِي الْمَسْنُونِ وَوُجُوبِهِ نَقَلَ عِيَاضٌ مَعَ أَبِي عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ وَابْنُ زَرُّوق مَعَ الصَّقَلِّيِّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ: يُعِيدُ عَامِدُ تَنْكِيسِهِ فِي مَفْرُوضِهِ أَوْ مَسْنُونِهِ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَعْنِي بِسُقُوطِ رَعْيِهِ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الَّذِي نَقَلَهُ عِيَاضٌ وَأَبُو عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ، وَأَمَّا تَرْتِيبُ السُّنَنِ مَعَ الْفَرَائِضِ فَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: ظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ: إنَّهُ يَتَمَضْمَضُ وَلَا يُعِيدُ غَسْلَ وَجْهِهِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: هُوَ سُنَّةٌ إلَّا أَنَّهُ جَعَلَهُ أَخَفَّ مِنْ تَرْتِيبِ الْفَرَائِضِ فِي أَنْفُسِهَا فَقَالَ مَرَّةً: إنَّهُ يُعِيدُ الْوُضُوءَ إذَا نَكَّسَهُ مُتَعَمِّدًا كَالْمَفْرُوضِ مَعَ الْمَفْرُوضِ، وَلَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا فَارَقَ وُضُوءَهُ وَقَالَ: إنْ نَكَّسَهُ سَاهِيًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَالَ فَضْلٌ: مَعْنَاهُ إذَا فَارَقَ الْوُضُوءَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُفَارِقْ وُضُوءَهُ فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ مَا قَدَّمَ وَيَغْسِلُ مَا بَعْدَهُ عَلَى أَصْلِهِ فِيمَنْ نَسِيَ شَيْئًا مِنْ مَسْنُونِ الْوُضُوءِ فَذَكَرَهُ بِحَضْرَةِ وُضُوئِهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ مَا نَسِيَ وَمَا بَعْدَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اخْتِلَافًا مِنْ قَوْلِهِ فَيَكُونُ أَحَدُ قَوْلَيْهِ أَنَّهُ مِثْلُ الْمَفْرُوضِ انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) إذَا ذَكَرَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي غَسْلِ وَجْهِهِ فَذَكَرَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ تَرَكَ الْجُلُوسَ الْوَسَطَ حَتَّى فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ عَنْ شَيْخِهِ الشَّبِيبِيِّ أَنَّهُ يَتَمَادَى عَلَى وُضُوئِهِ وَيَفْعَلُ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ بَعْدَ فَرَاغِهِ. قَالَ: وَكَذَا أَفْتَى شَيْخُنَا الْبُرْزُلِيُّ، وَيُحْمَلُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ بِرُجُوعِهِ عَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ. قَالَ: وَأَفْتَى شَيْخُنَا أَبُو يُوسُفَ الزُّغْبِيُّ بِرُجُوعِهِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ فَتْوَاهُ لِفَتْوَى مَنْ ذَكَرَ خِلَافَهُ فَوَقَفَ بَعْضُ طَلَبَتِهِ عَلَى الْمُوَطَّإِ فَعَرَّفَهُ بِهِ فَتَمَادَى عَلَى فَتْوَاهُ انْتَهَى.
(قُلْتُ) وَلَفْظُ الْمُوَطَّإِ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ فَنَسِيَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ قَالَ: فَلْيَتَمَضْمَضْ وَلَا يُعِيدُ غَسْلَ وَجْهِهِ انْتَهَى. وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَاجِيُّ فِيهِ شَيْئًا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي هَلْ يَتَمَضْمَضُ بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ أَوْ يَسْتَمِرُّ عَلَى وُضُوئِهِ حَتَّى يَفْرُغَ؟ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
ص (وَسِوَاكٌ وَإِنْ بِأُصْبُعٍ) ش يَعْنِي أَنَّ مِنْ فَضَائِلِ الْوُضُوءِ السِّوَاكَ وَالسِّوَاكُ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ يُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ وَعَلَى الْعُودِ الَّذِي يُتَسَوَّكُ بِهِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ، وَقَالَ اللَّيْثُ: إنَّ الْعَرَبَ تُؤَنِّثُهُ أَيْضًا، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هَذَا مِنْ عَدَدِ اللَّيْثِ أَيْ أَغَالِيطِهِ الْقَبِيحَةِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ أَنَّهُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ: وَالسِّوَاكُ مَصْدَرُ سَاكَ فَمَهُ يَسُوكُهُ سَوْكًا، فَإِنْ قُلْتَ اسْتَاكَ لَمْ تَذْكُرْ الْفَمَ، وَجَمْعُ السِّوَاكِ سُوكٌ بِضَمَّتَيْنِ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ أَنَّهُ يَجُوزُ سُؤُكٌ بِالْهَمْزِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute