مِنْ زِيِّ أَهْلِ الْكُفْرِ، وَقَدْ كَانَتْ الْعَرَبُ تَدْخُلُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا وَلَمْ يُرَوْا فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَحْلِقُونَ، انْتَهَى. وَانْظُرْ قَوْلَهُ: وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ لَعَلَّهُ وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ فَإِنَّ الْقَرَافِيُّ نَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ بِلَفْظِ وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ مُطْلَقًا وَآخِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (لَا الْإِسْلَامُ إلَّا لِعَجْزٍ)
ش: ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَوَّلِ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الشِّفَاءِ أَنَّ مَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ ثُمَّ اخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ اتِّسَاعِ وَقْتِ الشَّهَادَةِ بِلِسَانِهِ قَوْلَيْنِ قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ مُسْتَوْجِبٌ لِلْجَنَّةِ وَذَكَرَ فِيمَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ وَطَالَتْ مُهْلَتُهُ وَعُلِمَ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ النُّطْقِ بِالشَّهَادَةِ وَلَمْ يَنْطِقْ بِهَا وَلَا مَرَّةً فِي عُمْرِهِ قَوْلَيْنِ أَيْضًا، قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ انْتَهَى مُخْتَصَرًا، وَإِذَا جَمَعْت الْمَسْأَلَتَيْنِ حَصَلَ فِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْإِجْزَاءُ فِيهِمَا وَعَدَمُهُ وَثَالِثُهَا الصَّحِيحُ الْإِجْزَاءُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَنَحْوُهُ فِي الْقَبَّابِ وَالتُّونُسِيِّ.
ص (وَإِنْ شَكَّ أَمَذْيٌ أَمْ مَنِيٌّ اغْتَسَلَ وَأَعَادَ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ كَتَحَقُّقِهِ)
ش قَوْلُهُ: أَمَذْيٌ، لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمَذْيِ بَلْ إذَا شَكَّ هَلْ هُوَ مَنِيٌّ أَمْ لَا قَالَ فِي الْعَارِضَةِ: مَنْ رَأَى فِي ثَوْبِهِ بَلَلًا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَنَامَ فِيهِ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَنَمْ فِيهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَامَ فِيهِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّهُ احْتِلَامٌ أَمْ شَكَّ فَإِنْ شَكَّ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ أَوْ اُسْتُحِبَّ عَلَى الْقَوْلِ بِإِلْغَاءِ الشَّكِّ أَوْ اسْتِعْمَالِهِ، وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ احْتَلَمَ وَجَبَ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ، وَالصَّحِيحُ وُجُوبُ الْغُسْلِ إذَا لَمْ يَلْبَسْهُ غَيْرُهُ وَأَمَّا إذَا لَبِسَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ يَحْتَلِمُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَلَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُحْتَلِمُ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي أَوَّلِ بَابِ الْغُسْلِ: أَسْبَابُهُ سَبْعٌ: الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ وَإِنْزَالُ الْمَاءِ الدَّافِقِ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَالشَّكُّ فِي أَحَدِهِمَا مَا لَمْ يَسْتَنْكِحْ ذَلِكَ وَتَجْدِيدُ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَالْوِلَادَةِ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ جَافًّا وَانْقِطَاعُ دَمِ الْحَيْضِ وَانْقِطَاعُ دَمِ النِّفَاسِ وَالْمَوْتُ فِي غَيْرِ الشُّهَدَاءِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: السَّبَبُ الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ الشَّكُّ فِي تَحَقُّقِ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَالْإِنْزَالِ بِأَنْ وَجَدَ بَلَلًا وَهُوَ لَا يَدْرِي أَهُوَ مَذْيٌ أَوْ مَنِيٌّ وَأَيْقَنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَرَقٍ، قَالَ مَالِكٌ: لَا أَدْرِي مَا هَذَا؟ ، قَالَ ابْنُ نَافِعٍ: يَغْتَسِلُ. وَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ: لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْوُضُوءُ مَعَ غَسْلِ الذَّكَرِ. وَقَالَ ابْنِ سَابِقٍ: هَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ فِي تَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ وَالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ، انْتَهَى.
ص (وَوَاجِبُهُ نِيَّةٌ)
ش: قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَيَنْوِي الطَّهَارَةَ عِنْدَ أَوَّلِ وَاجِبِهِ كَالْوُضُوءِ.
ص (وَمُوَالَاةٌ كَالْوُضُوءِ)
ش: مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ وَهِيَ مَنْ غَسَلَ جَسَدَهُ وَلَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ لِخَوْفِ امْرَأَتِهِ ثُمَّ يَدَعُ جَسَدَهُ حَتَّى يَجِفَّ ثُمَّ يَأْتِيَ امْرَأَتَهُ فَيَغْسِلَ رَأْسَهُ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ الْغُسْلَ قَالَ سَنَدٌ: فَلَوْ بَدَأَ غُسْلَهُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَكَمَّلَ غُسْلَهُ فَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِتَبْعِيضِ النِّيَّةِ، انْتَهَى.
ص (وَتَخْلِيلُ شَعْرٍ)
ش: أَطْلَقَ فِيهِ لِيَعُمَّ كُلَّ شَعْرٍ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالْأَشْهَرُ وُجُوبُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ وَغَيْرِهِمَا. قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَمُرَادُهُ بِغَيْرِهِمَا شَعْرُ الْحَاجِبِينَ وَالْهُدْبِ وَالشَّارِبِ وَالْإِبِطِ وَالْعَانَةِ