للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زِيَادَةَ لَهُمْ بَعْدَهَا، انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَبْلَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: أَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِسَحْنُونٍ وَفِيهَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُمْ مُتَعَمِّدُونَ لِإِبْطَالِ الْأُولَى بِتَرْكِهِمْ السُّجُودَ وَمَنْ تَعَمَّدَ إبْطَالَ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاتِهِ بَطَلَ جَمِيعُهَا، وَلَوْ قِيلَ: إنَّهُمْ يَسْجُدُونَ سَجْدَةً وَيُدْرِكُونَ الثَّانِيَةَ مَعَهُ فَتَصِحُّ لَهُمْ الرَّكْعَتَانِ لِمَا بَعْدُ (فَإِنْ قُلْت) ذَلِكَ مُخَالَفَةٌ عَلَى الْإِمَامِ وَقَضَاءٌ فِي حُكْمِهِ فَالْجَوَابُ: أَمَّا الْمُخَالَفَةُ فَلَازِمَةٌ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَائِمٌ وَهُمْ جُلُوسٌ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ فِي حُكْمِ الْإِمَامِ فَقَدْ أُجِيزَ مِثْلُهُ فِي النَّاعِسِ وَالْمَزْحُومِ خَوْفًا مِنْ إبْطَالِ الرَّكْعَةِ فَكَذَلِكَ هُنَا، انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ النَّاعِسَ وَمَنْ مَعَهُ فَعَلَ السَّجْدَةَ أَمَامَهُمْ وَهَذَا لَمْ يَفْعَلْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ الْآتِيَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَوَاخِرِ كَلَامِهِ: هَذَا مَذْهَبُ سَحْنُونٍ، وَالْمَحْكِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُمْ يَسْجُدُونَ إذَا خَافُوا عَقْدَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الَّتِي تَلِيهَا، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا أَعْرِفُهُ دُونَ اسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ، انْتَهَى.

وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ فِي رَسْمٍ بَاعَ شَاةً مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَسْأَلَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا، أَنْ يَسْهُوَ الْإِمَامُ عَنْ السَّجْدَةِ وَحْدَهُ فَلَا يَخْلُو مَنْ خَلْفَهُ إمَّا أَنْ يَسْجُدُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ يَتَّبِعُونَهُ عَالِمِينَ بِسَهْوِهِ فَإِنْ سَجَدُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَلَمْ يَرْجِعْ الْإِمَامُ إلَى السَّجْدَةِ حَتَّى فَاتَهُ الرُّجُوعُ إلَيْهَا بِعَقْدِ الرَّكْعَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فَرَكْعَةُ الْقَوْمِ صَحِيحَةٌ بِاتِّفَاقٍ، وَيَقْضِي الْإِمَامُ تِلْكَ الرَّكْعَةَ الَّتِي أَسْقَطَ مِنْهَا السَّجْدَةَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ وَهُمْ جُلُوسٌ، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَاخْتُلِفَ إذَا تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ فَرَجَعَ إلَى السُّجُودِ هَلْ يَسْجُدُونَ مَعَهُ ثَانِيَةً؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَأَمَّا إنْ اتَّبَعُوهُ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ عَالِمِينَ بِسَهْوِهِ فَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ بِاتِّفَاقٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَسْهُوَ الْإِمَامُ هُوَ وَبَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ السَّمَاعِ فَلَا يَخْلُو مَنْ لَمْ يَسْهُ إمَّا أَنْ يَسْجُدُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ يَتَّبِعُوهُ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ عَالِمِينَ بِسَهْوِهِ، فَإِنْ سَجَدُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَلَمْ يَرْجِعْ الْإِمَامُ إلَى السُّجُودِ حَتَّى فَاتَهُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ بِعَقْدِ الرَّكْعَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا، قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: إنَّ السَّجْدَةَ تُجْزِئُهُمْ وَتَصِحُّ لَهُمْ الرَّكْعَةُ وَيُلْغِيهَا الْإِمَامُ وَمَنْ سَهَا مَعَهُ، فَإِنْ أَكْمَلَ الْإِمَامُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ قَامَ وَمَنْ سَهَا مَعَهُ إلَى الرَّابِعَةِ وَقَعَدُوا حَتَّى يُسَلِّمَ وَيُسَلِّمُوا بِسَلَامِهِ وَيَسْجُدَ بِهِمْ جَمِيعًا سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ وَهُوَ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ لِاعْتِدَادِهِمْ بِالسَّجْدَةِ وَهُمْ إنَّمَا فَعَلُوهَا فِي حُكْمِ الْإِمَامِ وَمُخَالَفَتُهُمْ إيَّاهُ فِي أَعْيَانِ الرَّكَعَاتِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ تَبْقَى عَلَى نِيَّتِهَا وَتَصِيرُ لِلْإِمَامِ وَمَنْ سَهَا مَعَهُ الثَّانِيَةُ أُولَى وَهَكَذَا، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الرِّوَايَةِ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَوْ أَعَادُوا الصَّلَاةَ وَإِنَّمَا يَسْجُدُ الْإِمَامُ بِهِمْ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُهَا أُولَى وَيَأْتِي بِالثَّانِيَةِ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ فِيهَا فَيَكُونُ سَهْوُهُ كُلُّهُ زِيَادَةً

وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ حَتَّى صَلَّى الثَّالِثَةَ أَوْ رَفَعَ مِنْ رُكُوعِهَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي اجْتِمَاعِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا ثَانِيَةً؛ لِأَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَقَامَ وَلَمْ يَجْلِسْ، وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْوَجْهِ إنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ فَرَجَعَ إلَى السَّجْدَةِ هَلْ يَسْجُدُونَ مَعَهُ ثَانِيَةً أَمْ لَا؟ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إنَّ صَلَاتَهُمْ فَاسِدَةٌ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ مُخَالَفَةِ نِيَّتِهِمْ نِيَّةَ إمَامِهِمْ فِي أَعْيَانِ الرَّكَعَاتِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ، وَالثَّالِثُ: إنَّ السُّجُودَ لَا يُجْزِئُهُمْ وَتَبْطُلُ عَلَيْهِمْ الرَّكْعَةُ كَمَا بَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ وَيَتَّبِعُونَهُ فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا وَتُجْزِئُهُمْ. حَكَى هَذَا الْقَوْلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ فِي كِتَابِهِ، وَأَمَّا إنْ اتَّبَعُوهُ عَلَى تَرْكِ السَّجْدَةِ عَالِمِينَ بِسَهْوِهِ فَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ: إنَّ صَلَاتَهُمْ مُنْتَقَضَةٌ، وَيُخَرَّجُ عَلَى مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَنْ تَبْطُلَ عَلَيْهِمْ الرَّكْعَةُ وَلَا تُنْتَقَضُ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّ السَّجْدَةَ إذَا كَانَتْ عَلَى مَذْهَبِهِ لَا يُجْزِئُهُمْ فِعْلُهَا فَلَا يَضُرُّهُمْ تَرْكُهَا، انْتَهَى.

وَظَاهِرُ إطْلَاقِ مَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ عَنْ سَحْنُونٍ وَاقْتَصَرُوا عَلَيْهِ مُخَالِفٌ لِمَا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>