للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَهَا الْإِمَامُ وَحْدَهُ عَنْ السَّجْدَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى عَقَدَ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَعْدَ رَكْعَتِهَا إنَّ الْقَوْمَ يَسْجُدُونَهَا وَتُجْزِئُهُمْ، وَإِنَّهُمْ إنْ اتَّبَعُوهُ عَلَى تَرْكِ السَّجْدَةِ عَالِمِينَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَمُخَالِفٌ لَهُ أَيْضًا فِيمَا إذَا سَهَا مَعَ الْإِمَامِ بَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ إنْ اتَّبَعَهُ مَنْ لَمْ يَسْهُ فِي تَرْكِ السَّجْدَةِ فَالرِّوَايَةُ بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِمْ وَجَعْلُ الْقَوْلِ بِصِحَّتِهَا إنَّمَا هُوَ تَخْرِيجٌ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ نَعَمْ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ يُسَاعِدُ مَا حَكَاهُ الْجَمَاعَةُ وَنَصُّهُ وَاخْتُلِفَ إنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ فِي تَشَهُّدِ الرَّابِعَةِ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ فِي الْأُولَى وَكَانَ سَجَدَهَا مَنْ خَلْفَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ تَمُتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ وَيَقْضِي الْإِمَامُ تِلْكَ الرَّكْعَةَ كَمَا فَاتَتْهُ بِعَيْنِهَا وَلَا يَتَّبِعُهُ فِيهَا أَحَدٌ دَخَلَ مَعَهُ تِلْكَ السَّاعَةَ، وَصَارَ الْإِمَامُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَخْلِفِ بَعْدَ رَكْعَةٍ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ لَا تُجْزِئُهُمْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ الَّتِي سَجَدُوا فِيهَا دُونَهُ وَلَا يُحْتَسَبُ جَمِيعُهُمْ إلَّا بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، وَيَأْتِي الْإِمَامُ بِرَكْعَةٍ وَيَتَّبِعُونَهُ فِيهَا وَاخْتُلِفَ إذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ، وَهُوَ قَائِمٌ فِي الثَّانِيَةِ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى وَقَدْ سَجَدَهَا مَنْ خَلْفَهُ فَقِيلَ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ خَلْفَهُ أَنْ يُعِيدُوا سُجُودَهَا مَعَهُ، وَهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ رَفَعَ مِنْ الرَّكْعَةِ أَوْ السَّجْدَةِ قَبْلَ إمَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ مَعَ الْإِمَامِ أَجْزَأَتْهُ رَكْعَتُهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْجُدُوهَا مَعَهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يَسْجُدُونَهَا مَعَهُ وَسَجْدَتُهُمْ الْأُولَى تُجْزِئُهُمْ فَإِذَا أَتَمُّوا قَامَ الْإِمَامُ وَمَنْ سَهَا بِسَهْوِهِ فَصَلَّوْا رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا يَؤُمُّهُمْ فِيهَا الْإِمَامُ قَالَ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ الَّذِينَ سَجَدُوا دُونَ الْإِمَامِ، وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ آمُرَهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا ثَانِيَةً فَيَزِيدُوا فِي صَلَاتِهِمْ مُتَعَمِّدِينَ أَوْ يَقُومُوا مَعَهُ وَلَا يَسْجُدُوا فَيَكُونُوا قَدْ صَلَّوْا خَمْسًا انْتَهَى.

وَمَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا مُحَمَّدٍ ذَكَرَهُ عَنْهُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْهُ فَلَعَلَّ لَهُ قَوْلَيْنِ وَنَقَلَ الْهَوَّارِيُّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَقَبِلَهُ وَقَالَ:

الْحَاصِلُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا سَهَا عَنْ فَرْضٍ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ لَمْ يَلْزَمْ الْمَأْمُومَ سَهْوُهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ دُونَ الْإِمَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَيَلْزَمُهُ فِي قَوْلِ سَحْنُونٍ: وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا عَدَا النِّيَّةَ وَتَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ انْتَهَى، وَذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَقَبِلَهُ، وَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ قِيَامِ الْإِمَامِ لِخَامِسَةٍ - آخِرَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَعَزَاهُ لِلْمَازِرِيِّ مَعَ اللَّخْمِيِّ، وَذَكَرَ كَلَامَ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَقَالَ بَعْدَهُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْهُ عَنْهَا أَحَدٌ مِمَّنْ خَلْفَهُ وَسَجَدُوا وَلَمْ يَرْجِعْ الْإِمَامُ حَتَّى فَاتَهُ الرُّكُوعُ أَنَّ رَكْعَةَ الْقَوْمِ صَحِيحَةٌ بِاتِّفَاقٍ وَحَكَى فِيمَا إذَا سَهَا بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَسْهُ الْبَعْضُ وَسَجَدَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ مَعَ فَوَاتِ التَّدَارُكِ أَيْضًا فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَلَا يَظْهَرُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَازِرِيِّ بَلْ نَصُّهُ حُصُولُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَسْهُ عَنْهَا أَحَدٌ مِمَّنْ خَلْفَهُ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ حَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى الْبُطْلَانِ فِي الْأُولَى إذَا اتَّبَعُوهُ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ عَالِمِينَ بِسَهْوِهِ وَلَمْ يَحْكِ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ فَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ انْتَهَى، وَالْعَجَبُ أَنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَسْأَلَةِ تَرْكِ الْإِمَامِ السَّجْدَةَ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْكَلَامِ بَلْ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ وَبَحَثَ فِيهِ بِمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: اسْتِشْكَالُ التَّوْضِيحِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا تَرَكَ السَّجْدَةَ وَحْدَهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَخْلِفِ الْمُدْرِكِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ نَحْوَهُ فِي إمَامٍ ذَكَرَ فِي تَشَهُّدِ الرَّابِعَةِ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى، وَكَانَ الْقَوْمُ سَجَدُوهَا، وَقَالَ فَصَارَ الْإِمَامُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَخْلِفِ بَعْدَ رَكْعَةٍ، وَفِي الْأَجْوِبَةِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا شَارَكَهُ الْقَوْمُ أَوْ بَعْضُهُمْ فِي إسْقَاطِهَا فَهُوَ كَالْفَذِّ فِي الْبِنَاءِ وَإِلَّا فَكَالْمَأْمُومِ فِي الْقَضَاءِ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ.

وَمَا قَالَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا اسْتَشْكَلَ حِكَايَةَ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ، وَاللَّخْمِيُّ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ بَلْ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي مُحَمَّدٍ ذَكَرَ فِي مُقَابَلَتِهِ قَوْلَ سَحْنُونٍ وَكَذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ لَمَّا ذَكَرَهُ عَزَاهُ لِمُحَمَّدٍ فَتَأَمَّلْهُ وَنَصَّ كَلَامَ الْمَازِرِيِّ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ.

(وَالْجَوَابُ) عَنْ السُّؤَالِ السَّادِسِ أَنْ يُقَال: إذَا نَسِيَ الْإِمَامُ السَّجْدَةَ، وَلَمْ يَحُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إصْلَاحِهَا حَائِلٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِإِصْلَاحِهَا بِسَجْدَةٍ وَاخْتُلِفَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>