عِنْدِي: أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ قَالَ: لِأَنَّ تَعْلِيلَهُمْ الْإِعَادَةَ بِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْوَقْتِ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْإِعَادَةِ بِالْوَقْتِ الْمَشَذَّالِيُّ إنَّمَا عَلَّلُوا الْإِعَادَةَ بِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَذَلِكَ مُقْتَضَى الْإِعَادَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَفْرُوضَةِ انْتَهَى.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْإِعَادَةُ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَقْتِ أَمَّا لَوْ صَلَّى شَخْصٌ فِي الْوَقْتِ وَحْدَهُ ثُمَّ وَجَدَ جَمَاعَةً يُصَلُّونَ تِلْكَ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْوَقْتِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ بِالْإِعَادَةِ مَعَهُمْ فَكَذَلِكَ مَنْ صَلَّى ظُهْرَ يَوْمِ الْأَحَدِ ثُمَّ وَجَدَ جَمَاعَةً يُصَلُّونَ تِلْكَ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ السَّلَامَ مِنْ الْفَائِتَةِ يُخْرِجُ وَقْتَهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَانْظُرْ قَوْلَهُ: يَصِحُّ لَهُمْ قَضَاؤُهَا جَمَاعَةً ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ لَا يُطْلَبُونَ بِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْبُرْزُلِيُّ بِأَنَّهُمْ يُطْلَبُونَ بِذَلِكَ فِي رَسْمٍ ضَاعَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ رَأَيْت لِسَنَدٍ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ مُخْتَصَّةٌ بِالْوَقْتِ ذَكَرَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ وَنَصُّهُ إثْرَ قَوْلِ الْإِمَامِ: مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، فَلَا يُعِيدُ، أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ إعَادَةَ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ مُرَغَّبُ فِيهِ فِي الشَّرْعِ، وَلَهُ إعَادَةُ الْفَذِّ فِي جَمَاعَةٍ مَا دَامَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَلَا يُعِيدُ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ انْتَهَى.
، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْمَذْهَبُ لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً أَنْ يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ بِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ لَا غَيْرِهَا انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ فِي الْحَدِيثِ التَّاسِعَ عَشَرَ لِزَيْدٍ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ مَالِكٍ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ صَلَّاهَا فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ فَذًّا إنَّهُ لَا يُعِيدُهَا فِي جَمَاعَةٍ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ بَشِيرٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ فَقَطْ قُصُورٌ وَإِلْزَامٌ، اللَّخْمِيُّ عَلَيْهِ إعَادَةُ جَامِعٍ فِي غَيْرِهَا فَذًّا فِيهَا يُرَدُّ بِأَنَّ جَمَاعَتَهَا أَفْضَلُ مِنْ فَذِّهَا وَتَمَسَّكَ الْمَازِرِيُّ مَعَهُ بِقَوْلِهِ فِيهَا: مَنْ أَتَى أَحَدَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ، وَقَدْ جُمِعَ فِيهِ رَاجِيًا جَمَاعَةً فِي غَيْرِ صَلَاتِهِ فَذًّا فِيهِ أَفْضَلَ مِنْهَا جَمَاعَةً فِي غَيْرِهِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْجِيحِ فِعْلٍ مَفْضُولٍ عَنْهُ جَوَازُ إعَادَتِهِ بَعْدَ فِعْلِ مَفْضُولِهِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مَضَى كَتَرْجِيحِ جَمَاعَةٍ كُبْرَى عَلَى صُغْرَى، وَإِمَامٍ فَاضِلٍ عَلَى مَفْضُولٍ بَلْ اللَّازِمُ أَحْرَوِيَّةُ إعَادَةِ فَذٍّ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْفَذَّ يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ فِي غَيْرهَا انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي وَقَيَّدَ بِهِ الْمُدَوَّنَةَ، وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ بِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ كُلِّ مُخَالِفٍ وَمُوَافِقٍ أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا فِي جَمَاعَةٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْمُضْعِفَةِ، فَإِذَا كُنَّا نَقُولُ: إنْ صَلَّاهَا فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ فَذًّا أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا فِي جَمَاعَةٍ فِي غَيْرِهَا، فَإِذَا صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ أَوْلَى فَإِنْ صَلَّاهَا فِي ثَلَاثَةٍ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ ثُمَّ أَدْرَكَ تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ، فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ يُعِيدُهَا؛ لِأَنَّا نَأْمُرُهُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْجَمَاعَةِ إذَا صَلَّى فَذًّا لِيَحْصُلَ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً فَكَيْفَ لَا نَأْمُرُهُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْجَمَاعَةِ إذَا صَلَّى فَذٌّ لِيَحْصُلَ لَهُ الْأَلْفُ وَالْمِئُونَ فَإِنْ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَدْرَكَهَا فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ، فَهَلْ يُعِيدُهَا فَهَذَا مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ، فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا وَذَهَبَ أَحْمَدُ وَدَاوُد إلَى أَنَّهُ يُعِيدُ انْتَهَى.
قَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَمِنْ مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَمَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ أَوْ غَيْرِ بَيْتِهِ مَعَ رَجُلٍ فَصَاعِدًا ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ هُوَ وَاَلَّذِي صَلَّى مَعَهُ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلْيَخْرُجْ، وَلَا يُصَلِّيهَا مَعَهُمْ، وَكَذَلِكَ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِ مَسْجِدٍ لَمْ يُعِدْهَا فِي جَمَاعَةٍ إلَّا تَكُونُ الَّتِي صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ بِإِيلْيَاءَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ مَسْجِدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَوَجَدَهُمْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُمْ، وَذَلِكَ لِفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهَا عَلَى غَيْرِهَا وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ لِمَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ ثُمَّ دَخَلَ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ، وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ أَيْضًا فِيمَنْ أَتَى مَسْجِدًا فَوَجَدَ أَهْلَهُ قَدْ فَرَغُوا مِنْ الصَّلَاةِ فَطَمِعَ أَنْ يُدْرِكَهَا فِي مَسْجِدٍ آخَرَ أَوْ فِي جَمَاعَةِ يَجْمَعُهَا مَعَهُمْ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرُجَ إنْ أَحَبَّ وَيَذْهَبَ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute