للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمَّا رُؤْيَةُ أَفْعَالِ الْإِمَامِ أَوْ أَفْعَالِ الْمَأْمُومِينَ أَوْ سَمَاعُ قَوْلِهِ أَوْ سَمَاعُ قَوْلِهِمْ وَالِاقْتِدَاءُ بِمَنْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ خَارِجٌ عَنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمَدْخَلِ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ فِي الْأَخِيرَةِ لِمَا ذُكِرَ فَيُحْمَلُ الْآخَرُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِنْهُ أَيْضًا إذَا قَالَ الْمُسْمِعُ " سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِغَيْرِ تَعْرِيفٍ " صَلَاةُ مَنْ سَمِعَهُ تَامَّةٌ وَفِي صَلَاتِهِ قَوْلَانِ،.

(قُلْت) مَنْ جَعَلَهُ كَالْإِمَامِ فِي أَحْكَامِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِي ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى بِالِارْتِبَاطِ انْتَهَى. وَقَالَ أَيْضًا فِي مَسَائِلِ ابْنِ قَدَّاحٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْمِعَ الصَّغِيرُ وَمَنْ اقْتَدَى بِتَسْمِيعِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَكَذَا لَوْ سَمَّعَ أَحَدٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَاحْتِيجَ إلَيْهِ.

(قُلْت) فِي كَلَامِهِ هَذَا تَدَافُعٌ فِي مَنْعِهِ تَسْمِيعَ الصَّغِيرِ ابْتِدَاءً وَصِحَّتِهِ إذَا وَقَعَ وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الْبَالِغِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَالْمَشْهُورُ صِحَّتُهَا مُطْلَقًا انْتَهَى.

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) ذَكَرَ فِي الْمَدْخَلِ فِي فَصْلِ نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ أَنَّهُ إذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُسْمِعِ سَرَى الْبُطْلَانُ إلَى صَلَاةِ مَنْ صَلَّى بِتَبْلِيغِهِ فَرَاجِعْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ مَسْأَلَةُ مَنْ سَلَّمَ قَبْلَ الْمُسْمِعِ وَبَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ.

(قُلْت) إنْ سَمِعَ سَلَامَ الْإِمَامِ فَهُوَ الْوَاجِبُ وَمَنْ سَلَّمَ حَدْسًا فَيَتَخَرَّجُ عَلَى مَنْ سَلَّمَ مُعْتَقِدًا عَدَمَ التَّمَامِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ التَّمَامَ انْتَهَى.

ص (وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ)

ش: عَدَّهَا هُنَا مِنْ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَفِي فَصْلُ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَنْوِيعٌ لِلْعِبَارَةِ، وَأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ بِدُونِهَا سَوَاءٌ جُعِلَتْ فَرْضًا أَوْ شَرْطًا كَمَا صَرَّحَ بِبُطْلَانِهَا صَاحِبُ الْمَدْخَلِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَنَّ الْمَأْمُومَ إنْ لَمْ يَنْوِ أَنَّهُ مُؤْتَمٌّ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ انْتَهَى، وَقَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَشَرْطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ مُطْلَقًا نِيَّةُ اتِّبَاعِهِ إمَامَهُ انْتَهَى.

(قُلْت) اُنْظُرْ قَوْلَهُمْ: إنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمَأْمُومُ إنَّهُ مُؤْتَمٌّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ وَجَدَ إمَامًا يُصَلِّي أَوْ شَخْصًا يُصَلِّي، فَإِنْ نَوَى أَنَّهُ يَقْتَدِي بِهِ فَهُوَ مَأْمُومٌ، وَقَدْ حَصَلَتْ لَهُ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ، وَإِنْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ لِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَنْوِ أَنَّهُ مُقْتَدٍ بِذَلِكَ الْإِمَامِ فَهُوَ مُنْفَرِدٌ وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ فَفِي أَيْ صُورَةٍ يُحْكَمُ لَهُ بِأَنَّهُ مَأْمُومٌ، وَلَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ وَيُحْكَمُ بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ إذَا أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ نَوَى أَنْ يَقْتَدِيَ بِشَخْصٍ آخَرَ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ نَوَى أَنَّهُ مَأْمُومٌ، وَلَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ فَيَرْجِعُ كَلَامُهُمْ إلَى أَنْ يُشْتَرَطَ فِي صِحَّةِ الْمَأْمُومِ أَنْ يَنْوِيَ الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ مِنْ أَوَّلِهَا، فَإِنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ وَفِي كَلَامِ الْمَازِرِيِّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ، وَلِذَلِكَ فَرَّعَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ قَوْلَهُ: فَلَا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ وَلَا بِالْعَكْسِ وَأُتِيَ بِالْفَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى السَّبَبِيَّةِ فَتَأَمَّلْهُ مُنْصِفًا فَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِمْ عِنْدَ التَّأَمُّلِ فَإِنَّ النِّيَّةَ لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ مُقَارِنَةً لِأَوَّلِ الْفِعْلِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِيهِ أَوْ رُكْنٌ، ثُمَّ رَأَيْت الْقَبَّابَ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ قَوَاعِدِ الْقَاضِي عِيَاضٍ فَقَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَعَلَى الْمَأْمُومِ عَشْرُ وَظَائِفَ أَنْ يَنْوِيَ الِاقْتِدَاءَ بِإِمَامِهِ وَكَوْنُهُ مَأْمُومًا مَا نَصُّهُ تَكَلَّمَ هُنَا عَلَى وُجُوبِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ عَلَى الْمَأْمُومِ، وَقَالَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَمَا قَالَهُ تَصْحِيحٌ وَفِيهِ خِلَافٌ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَة لَوْ قَصَدَهُ مُصَلٍّ أَنْ يُصَلِّيَ فَذًّا وَأَحْرَمَ وَنِيَّتُهُ ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَى إمَامًا بَيْنَ يَدَيْهِ يُصَلِّي بِجَمَاعَةٍ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ وَيُتِمَّ خَلْفَهُ مَأْمُومًا أَمْ لَا الْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْبَغِي وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ فَعَلَ، وَقِيلَ تَصِحُّ وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ فِي إمَامٍ كَانَ يُصَلِّي بِقَوْمٍ فِي السَّفَرِ فَرَأَى أَمَامَهُ جَمَاعَةً تُصَلِّي بِإِمَامٍ فَجَهِلَ وَصَلَّى بِصَلَاتِهِمْ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَأْمُومًا وَأَعَادَ مَنْ وَرَاءَهُ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُمْ لَا إمَامَ لَهُمْ قَالَ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ

وَمَنْ لَقِيتُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ لَقِيَهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ خِلَافُ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>