للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِ وَلَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى.

ص (وَخَوْفًا)

ش: يَعْنِي أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ إذَا صَلَّيْت بِطَائِفَتَيْنِ فَلَا بُدَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهَا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لَا تَصِحُّ إلَّا فِي جَمَاعَةٍ قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ، ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اعْتَرَضَ عَلَى مَنْ جَعَلَ ضَابِطَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ فَقَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الِاسْتِخْلَافِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ، وَلَوْ أَتَمُّوا فُرَادَى صَحَّتْ الصَّلَاةُ، وَكَذَلِكَ صَلَاةُ الْخَوْفِ لَوْ صَلَّى كُلٌّ لِنَفْسِهِ صَحَّتْ الصَّلَاةُ انْتَهَى.

(قُلْت) لَا يَصِحُّ الِاعْتِرَاضُ بِصَلَاةِ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي صَلَاتِهَا عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ وَسَيَأْتِي فِي فَصْلِ الِاسْتِخْلَافِ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الِاسْتِخْلَافِ الْجَمَاعَةُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ خَلْفَ الْإِمَامِ إلَّا وَاحِدٌ لَمْ يَصِحَّ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ.

ص (وَمُسْتَخْلَفًا)

ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ يُصَلِّي مَأْمُومًا فَطَرَأَ عَلَى الْإِمَامِ عُذْرٌ فَاسْتَخْلَفَهُ لِيُكْمِلَ الصَّلَاةَ بِالْمَأْمُومِينَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ لِيُمَيِّزَ نِيَّةَ الْمَأْمُومِيَّةِ وَالْإِمَامِيَّةِ قَالَهُ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ وَتَقَدَّمَ نَحْوُهُ فِي قَوَاعِدِ الْقَاضِي عِيَاضٍ لَكِنْ قَالَ الْقَبَّابُ فِي شَرْحِهَا مَا قَالَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ مَعْنَاهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِينَ أَنْ يُصَلُّوا أَفْذَاذًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَإِنَّهُ يَقُولُ: إذَا طَرَأَ عَلَى الْإِمَامِ عُذْرٌ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ وَصَلَّى الْقَوْمُ أَفْذَاذًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي يَقُولُ: إنْ صَلَّوْا أَفْذَاذًا صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ فَلَيْسَتْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فِي الِاسْتِخْلَافِ بِلَازِمَةٍ وَيَشْهَدُ لِهَذَا التَّقْيِيدِ الَّذِي قَيَّدْنَاهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي الْقَاضِيَ عِيَاضًا وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْإِمَامَ إلَّا فِيمَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ إلَّا بِالْجَمَاعَةِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ يَنْوِي الْإِمَامَةَ فِي الِاسْتِخْلَافِ مَا نَصَّهُ (قُلْت) وَفِي قَوْلِهِ الِاسْتِخْلَافَ مَعَ ابْنِ بَشِيرٍ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ كَمُؤْتَمٍّ بِهِ ابْتِدَاءً لِصِحَّةِ صَلَاتِهِمْ أَفْذَاذًا انْتَهَى.

ص (كَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَاخْتَارَ فِي الْأَخِيرِ خِلَافَ الْأَكْثَرِ)

ش: لَيْسَ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ وَلَكِنَّ كَلَامَهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ إنَّهُ لَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى وَنَصُّهُ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ، ثُمَّ أَتَى رَجُلٌ فَائْتَمَّ بِهِ أَنَّهَا لَهُ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ، الشَّيْخَ يَعْنِي نَفْسَهُ، وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ يَصِيرُ لَهُ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ وَلَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى انْتَهَى.

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) أَلْزَمَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ أَنْ يُعِيدَهَا هَذَا الْمُؤْتَمُّ بِهِ الَّذِي لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ فِي جَمَاعَةٍ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَسَلَّمَهُ، وَذَكَرَ أَنَّ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَحْوَهُ وَنَصُّهُ عِنْدَ قَوْلٍ الْمُصَنِّفِ كَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ ابْنُ عَرَفَةَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ غَيْرُهُ، وَلَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ فِي جَمَاعَةٍ انْتَهَى، وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) الظَّاهِرُ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ فَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ، ثُمَّ دَخَلَ شَخْصٌ خَلْفَهُ فَنَوَى أَنْ يَؤُمَّهُ فِي بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ وَلَا يَدْخُلُ هَذَا فِي قَوْلِهِمْ وَلَا يَنْتَفِلُ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّ مَنْ صَلَّى فَذًّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْإِمَامِ لِفَوَاتِ مَحِلِّ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ.

(الثَّالِثُ) يُضَافُ لِمَا ذُكِرَ: الْإِمَامُ الرَّاتِبُ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ إذَا نَوَى الْإِمَامَةَ.

(الرَّابِعُ) ذُكِرَ فِي سَمَاعِ مُوسَى أَنَّ مَنْ أَمَّ نِسَاءً تَمَّتْ صَلَاتُهُنَّ إنْ نَوَى إمَامَتَهُنَّ فَأَخَذَ ابْنُ زَرْقُونٍ وُجُوبَ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فِي إمَامَةِ النِّسَاءِ وَجَعَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ مُقَابِلًا لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَّهُ يَرَى وُجُوبَ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَوَجَّهَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِمَامَ ضَامِنٌ بِأَنَّهُ تَحَمَّلَ الْقِرَاءَةَ وَلَا ضَمَانَ وَلَا حَمْلَ إلَّا بِنِيَّةٍ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّهُ، وَسَمِعَ مُوسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ أَمَّ نِسَاءً تَمَّتْ صَلَاتُهُنَّ إنْ نَوَى إمَامَتَهُنَّ فَأَخَذَ مِنْهُ ابْنُ زَرْقُونٍ وُجُوبَهَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>