للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيَّنَ أَثْمَانَهَا إذَا بَاعَهَا عَلَى حَوْلِ الْأُصُولِ إنْ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهَا، وَإِنْ وَجَبَتْ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ يَوْمَ زَكَّاهَا، انْتَهَى. وَكَلَامُهُ كُلُّهُ مُوَافِقٌ لِمَا قُلْنَاهُ إلَّا قَوْلَهُ فِي اكْتِرَاءِ الْأَرْضِ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ دُونَ النِّصَابِ زَكَّى ثَمَنَهُ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِالثَّمَنِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ زَكَاةِ عَيْنِهِ أَوْ ثَمَنِهِ، وَلَوْ قَالَ: زَكَّى ثَمَنَهُ بَعْدَ حَوْلِ الْأَصْلِ الْمُكْتَرَى بِهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِالثَّمَنِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ زَكَاةِ عَيْنِهِ فِيمَا إذَا كَانَ نِصَابًا أَوْ ثَمَنَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ نِصَابًا لَكَانَ أَحْسَنَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) مَا وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ مِنْ ابْنِ الْحَاجِبِ بَعْدَ الْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الْغَلَّاتِ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنْ وَجَبَتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا زَكَّى الثَّمَنَ لِحَوْلٍ مِنْ تَزْكِيَتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَرَجَّعَهُ لِثَمَرَةِ الْأُصُولِ الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ، وَقَالَ الشَّيْخُ فِي التَّوْضِيحِ: الْمَشْهُورُ نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ لَكِنَّهُ إنَّمَا نَقَلَهُ فِيمَا إذَا اكْتَرَى أَرْضًا لِلتِّجَارَةِ وَزَرَعَهَا لِلتِّجَارَةِ، انْتَهَى. فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى مَا فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا عَلَى مَا فِي الْجَوَاهِرِ فَتَأَمَّلْهُ، وَمَنْ رَأَى كَلَامَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ حَمَلَ كَلَامَهُ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا وَإِلَّا كَانَ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ، وَلَوْ اكْتَرَى كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) هَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ حُكْمُ مَا إذَا اشْتَرَى الْأُصُولَ بِلَا ثَمَرَةٍ وَأَثْمَرَتْ عِنْدَهُ وَبَاعَ الثَّمَرَةَ مُفْرَدَةً، وَأَمَّا لَوْ ابْتَاعَ الْأُصُولَ بِثَمَرَتِهَا فَإِنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً فَحُكْمُهَا مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُؤَبَّرَةً فَهِيَ أَيْضًا غَلَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهَا إلَّا أَنْ يَبِيعَهَا قَبْلَ طِيبِهَا مَعَ أُصُولِهَا فَتَكُونُ تَبَعًا لِأَصْلِهَا، قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى الْأُصُولَ بِلَا ثَمَرٍ ثُمَّ أَثْمَرَتْ عِنْدَهُ إنْ جَذَّ الثَّمَرَةَ وَبَاعَهَا فَلَا كَلَامَ أَنَّهَا غَلَّةٌ، وَإِنْ بَاعَهَا مَعَ أَصْلِهَا فَلَا يَخْلُو ذَلِكَ: إمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ طِيبِ الثَّمَرَةِ، أَوْ قَبْلَ طِيبِهَا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ طِيبِهَا فَهُوَ تَبَعٌ فَيُضَمُّ ثَمَنُهَا إلَى ثَمَنِ الْأَصْلِ وَكَانَ الْجَمِيعُ رِبْحًا يُزَكِّي عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ سَوَاءٌ اشْتَرَى الْأُصُولَ بِلَا ثَمَرَةٍ أَوْ اشْتَرَاهَا بِثَمَرَةٍ قَبْلَ طِيبِهَا وَبَاعَ الْأُصُولَ بِثَمَرَتِهَا أَيْضًا قَبْلَ طِيبِهَا

وَأَمَّا إنْ بَاعَ الْأُصُولَ بِثَمَرَتِهَا بَعْدَ الطِّيبِ فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِ الثَّمَرَةِ، أَوْ لَا فَإِنْ كَانَتْ الزَّكَاةُ تَجِبُ فِي عَيْنِهَا فَضَّ الثَّمَنَ عَلَى الْأَصْلِ وَالثَّمَرَةِ فَمَا نَابَ الْأَصْلَ زَكَّاهُ عَلَى حَوْلِهِ وَمَا نَابَ الثَّمَرَةَ زَكَّاهُ زَكَاةَ الْحَرْثِ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهَا: إمَّا لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ أَوْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ وَلَكِنَّهَا قَاصِرَةٌ عَنْ النِّصَابِ فَاخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ هِيَ غَلَّةٌ أَوْ تَكُونُ تَابِعَةً لِأَصْلِهَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الثَّمَرَةِ بِمَاذَا تَكُونُ غَلَّةً هَلْ بِالطِّيبِ أَوْ بِالْيُبْسِ أَوْ بِالْجِذَاذِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا اللَّخْمِيُّ وَلَمْ يَعْزُهَا، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَعَزَا فِي النَّوَادِرِ كَوْنَ ثَمَرَةِ النَّخْلِ غَلَّةً بِالزَّهْوِ لِعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ عَبْدُوسٍ عَنْهُ مَعَ أَشْهَبَ، وَنَقَلَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ ثَمَنَ الثَّمَرَةِ يُضَمُّ إلَى ثَمَنِ الْأَصْلِ وَيُزَكِّي الْجَمِيعَ لِحَوْلِ أَصْلِ الثَّمَنِ، كَذَا نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْجَارِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَأَنَّهُ يَفُضُّ الثَّمَنَ عَلَى الْأُصُولِ وَالثَّمَرَةِ فَثَمَنُ الْأُصُولِ رِبْحٌ وَثَمَنُ الثَّمَرَةِ فَائِدَةٌ، وَكَلَامُ ابْنِ الْمَوَّازِ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَجُذَّ الثَّمَرَةَ أَمَّا لَوْ جَذَّهَا فَإِنَّ ثَمَنَهَا فَائِدَةٌ بِلَا كَلَامٍ كَمَا تَقَدَّمَ اُنْظُرْ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنَ عَرَفَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْغَلَّاتِ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُتَوَلِّدَةً عَنْ السِّلَعِ الْمُشْتَرَاةِ لِلْقِنْيَةِ أَوْ الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ الْمُشْتَرَاةِ لِلْكِرَاءِ أَوْ عَنْ السِّلَعِ الْمُكْتَرَاةِ لِلْقُنْيَةِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ وَالْحُكْمُ فِي الْجَمِيعِ يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ غَلَّاتِ السِّلَعِ الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ يَسْتَقْبِلُ بِهَا فَيَسْتَقْبِلُ بِغَلَّاتِ سِلَعِ الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَأَمَّا الْمُشْتَرَاةُ لِلْكِرَاءِ فَهِيَ كَالْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقِنْيَةِ، وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ: إنَّ غَلَّةَ مَا اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْكِرَاءِ أَوْ لِلْقِنْيَةِ أَوْ وُرِثَتْ فَذَلِكَ كُلُّهُ فَائِدَةٌ، انْتَهَى. وَأَمَّا غَلَّاتُ السِّلَعِ الْمُكْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ فَذَكَرَ حُكْمَهَا فِي قَوْلِهِ كَغَلَّةِ مُكْتَرًى لِلتِّجَارَةِ وَقَوْلِهِ " وَإِنْ اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ "، وَأَمَّا غَلَّاتُ السِّلَعِ الْمُكْتَرَاةِ لِلْقِنْيَةِ فَمِنْ مَفْهُومِ مَا ذَكَرَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>