للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَزَادَ إثْرَهُ، وَقَوْلُ التُّونُسِيِّ يُضَافُ لِأَصْلِ مَالِهِ يُرِيدُ إذَا كَانَ عَيْنًا كَالْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، انْتَهَى. وَيُشِيرُ بِذَلِكَ لِكَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ ثُمَّ اُعْتُرِضَ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى مَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ فَقَطْ.

وَنَصُّهُ: وَقَدْ أَغْفَلَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَ عَبْدِ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ: أَعْرِفُ فِي الْمَالِ الْمَوْقُوفِ لِإِصْلَاحِ الْمَسَاجِدِ وَالْغَلَّاتِ الْمُحْبَسَةِ فِي مِثْلِ هَذَا اخْتِلَافًا بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي زَكَاةِ ذَلِكَ، وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنْ لَا زَكَاةَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُوقَفُ عَلَى مَا لَا عِبَادَةَ عَلَيْهِ مِنْ مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَالتَّقْيِيدِ، انْتَهَى، وَبِالطَّرِيقَةِ الْأُولَى أَفْتَى أَبُو عُمَرَ وَنَصُّهُ عَلَى مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَمِنْ التَّعَالِيقِ سُئِلَ أَبُو عِمْرَانَ عَنْ جَمَاعَةٍ حَبَسُوا حَبْسًا عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ عَلَى حِصْنٍ نَخْلًا أَوْ زَيْتُونًا كُلٌّ حَبْسُهُ عَلَى حِدَتِهِ، وَفِي جَمِيعِ مَا حَبَسُوا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ. وَلَيْسَ فِي حَبْسِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى انْفِرَادِهِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ هَلْ تُزَكَّى هَذِهِ الْأَحْبَاسُ أَمْ لَا، فَقَالَ: لَا زَكَاةَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَبْسِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِذَا كَانَ فِي بَعْضِهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَفِي بَعْضِهَا مَا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَا يُزَكَّى إلَّا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، انْتَهَى. وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَوَاخِرِ مَسَائِلِ الصَّلَاةِ فِي مَسَائِلِ مَسَاجِدِ قَصْرِ الْمَسِيرِ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي حَفْصٍ: إنَّهَا تُجْمَعُ وَنَصُّهُ، وَفِي تَعْلِيقَة ابْنِ الْعَطَّارِ إذَا حَبَسَ جَمَاعَةٌ عَلَى مَسْجِدٍ حَوَائِطَ كُلُّ إنْسَانٍ حَبَسَ نَخْلًا وَجُمْلَةُ ذَلِكَ لِلْمَسْجِدِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْجَمِيعِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ زَكَّاهُ عَلَى الْمَسْجِدِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الْحَوَائِطُ الْمُحْبَسَةُ تُزَكَّى؛ لِأَنَّ مَصَارِفَ الزَّكَاةِ غَيْرُ الْفُقَرَاءِ مَعَ الْفُقَرَاءِ فَلَا يُمْسَكُ لِأَجْلِ أَنَّ الثَّمَرَةَ لِلْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ السَّاعِيَ قَدْ يَرَى صَرْفَهَا فِي غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصْنَافِ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ خَوْفٌ مِنْ الْعَدُوِّ صُرِفَتْ فِي السَّبِيلِ، وَإِنْ كَانَ الْأَمْنُ وَالرَّخَاءُ أَعْتَقَ الرِّقَابَ، وَإِنْ كَانَ زَمَنُ شِدَّةٍ أَطْعَمَ الْمَسَاكِينَ، وَإِنْ كَانَ الْحَبْسُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَلَا يَصْرِفُ مَا سِوَى الزَّكَاةَ إلَّا عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَأَمَّا ابْنُ رُشْدٍ، فَقَالَ: إنْ كَانَ الْحَبْسُ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا تُزَكَّى عَلَى مِلْكِ الْمُحْبِسِ، وَذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمِ بِرُمَّتِهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسُ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " كَعَلَيْهِمْ " قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ أَدْخَلَ أَدَاةَ الْجَرِّ عَلَى أَدَاةِ الْجَرِّ إيثَارًا لِلِاخْتِصَارِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ

غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا تَمَّ ظَمَؤُهَا ... تَصِلُ وَعَنْ قَيْظٍ بِزَيْزَاءَ مُجْهَلٍ

، انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ " عَلَى " فِي الْبَيْتِ اسْمٌ بِمَعْنَى " فَوْقَ " كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَكْثَرُ النُّحَاةِ، وَأَمَّا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ دُخُولَ حَرْفٍ عَلَى حَرْفٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ نَقَلَهُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الْكَافُ هُنَا اسْمًا أَوْ دَاخِلَةً عَلَى اللَّفْظِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا فِيهِ حَرْفٌ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (وَإِنَّمَا يُزَكَّى مَعْدِنٌ عَيْنٌ)

ش: أَفَادَ قَوْلُهُ " يُزَكَّى " أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ زَكَاةٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُهَا مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ عَلَى مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُمَا، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي اشْتِرَاطِهِمَا قَوْلَيْنِ، وَقَالَ الْجُزُولِيُّ فِي الْكَبِيرِ فِي أَوَّلِ بَابِ زَكَاةِ الْعَيْنِ أَنَّ الشُّرَكَاءَ فِي الْمَعْدِنِ كَالْوَاحِدِ وَالْعَبْدَ كَالْحُرِّ وَالْكَافِرَ كَالْمُسْلِمِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَتَأَمَّلْهُ. وَيُشْتَرَطُ النِّصَابُ، وَأَمَّا الْحَوْلُ فَقَدْ نَبَّهَ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْمَعْدِنِ مِنْ اشْتِرَاطِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَلِكَ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يُسْقِطُ زَكَاتَهُ وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ رُبْعُ الْعُشْرِ وَأَنْ يَصْرِفَهُ مَصْرِفَ الزَّكَاةِ إلَّا فِي النُّدْرَةِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ مَعْدِنَ غَيْرِ الْعَيْنِ لَا زَكَاةَ فِيهِ

ص (وَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ، وَلَوْ بِأَرْضٍ مُعَيَّنٍ إلَّا مَمْلُوكَةً لِمَصَالِحَ فَلَهُ)

ش عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَبِمَا أَتَى بِهِ مِنْ الْمُبَالَغَةِ أَنَّ الْمَعْدِنَ إذَا كَانَ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ كَالْفَيَافِيِ وَمَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ فَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ، وَكَذَا إنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>