للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَبَنُ غَيْرِهِ تَابِعٌ)

ش: فَهُوَ طَاهِرٌ مِنْ الْمُبَاحِ وَنَجِسٌ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَمَكْرُوهٌ مِنْ الْمَكْرُوهِ وَكَرَاهَتُهُ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ طَاهِرًا كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَى الْمُبَاحِ وَالْمَكْرُوهِ.

ص (وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ مُبَاحٍ)

ش: كَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ ظَاهِرُهُ لَا يُغْسَلُ لَا وُجُوبًا وَلَا اسْتِحْبَابًا، أَمَّا وُجُوبًا فَنَعَمْ، وَأَمَّا اسْتِحْبَابًا فَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: غَسْلُهُ أَحَبُّ إلَيَّ، نَقَلَ ذَلِكَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ انْتَهَى بِالْمَعْنَى. وَالِاسْتِحْبَابُ ظَاهِرٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِمَا إذَا خَرَجَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي اللُّبَابِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

ص (إلَّا الْمُتَغَذِّي بِنَجَسٍ)

ش: يُرِيدُ وَلَوْ بِشُرْبِ مَاءٍ نَجِسٍ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْبِسَاطِيُّ اسْتَثْنَى الْمُتَغَذِّيَ بِنَجَسِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ وَلَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ: الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ مَحْبُوسًا لَا يَصِلُ لِلنَّجَاسَةِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ. وَالثَّانِيَةُ: إنْ شُوهِدَ اسْتِعْمَالُهُ لَهَا فَبَوْلُهُ وَعَذِرَتُهُ نَجِسَانِ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يُنْفَى عَنْهُ كُلٌّ مِنْهُمَا فَيُحْمَلُ عَلَى النَّجَاسَةِ تَغْلِيبًا.

(قُلْتُ) مَا ذَكَرَهُ فِي الْحَالَةِ الثَّالِثَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَمُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي رَسْمِ مَرَضٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي الْحَمَامِ يُصِيبُ أَرْوَاثَ الدَّوَابِّ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَوْ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ مَنْ صَلَّى بِخَرِبَتِهَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا ذَلِكَ إذَا عُلِمَ مِنْ حَالِهَا أَنَّهَا تَأْكُلُ أَرْوَاثَ الدَّوَابِّ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهَا أَكَلَتْهَا وَلَوْ تَحَقَّقَ لَقَالَ إنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ ذَرْقَ مَا يَأْكُلُ النَّجَسَ عِنْدَهُ نَجِسٌ انْتَهَى. وَيُرِيدُ إذَا صَلَّى بِهِ غَيْرَ عَامِدٍ، وَأَمَّا الْعَامِدُ فَيُعِيدُ أَبَدًا ثُمَّ قَالَ فِي الرَّسْمِ الَّذِي بَعْدَهُ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ خُرْءِ الْحَمَامِ يُصِيبُ الثَّوْبَ قَالَ هُوَ عِنْدِي خَفِيفٌ وَغَسْلُهُ أَحَبُّ إلَيَّ يَعْنِي ابْنَ رُشْدٍ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا أَكَلَتْ نَجَاسَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ انْتَهَى.

وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ذَرْقِ الْخُطَّافِ الَّذِي عَيْشُهُ الذُّبَابُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إنَّهُ لَا تُؤْكَلُ الْجَرَادُ وَشِبْهُهَا إلَّا بِذَكَاةٍ، فَأَجَابَ ذَرْقُ الطَّيْرِ طَاهِرٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي يَرَى الْفَضْلَتَيْنِ تَابِعَتَيْنِ لِلُّحُومِ وَقَالَ فِي رَسْمِ مَرَضٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ أَصْبَغَ إنَّ ذَرْقَ الْبَازِي نَجِسٌ، وَإِنْ أُكِلَ ذُكِّيَ إنَّ ذَلِكَ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي مَنَعَ مِنْ أَكْلِ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ السِّبَاعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحَيَوَانَ إذَا كَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَأْكُلَ النَّجَاسَةَ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَكْلُهُ لَهَا فَأَمْرُهُ خَفِيفٍ يُسْتَحَبُّ غَسْلُ رَوْثِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْبِسَاطِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) إذَا ذَبَحَ الْحَيَوَانَ الَّذِي يَتَغَذَّى بِالنَّجَاسَةِ فَإِنَّهُ يَغْسِلُ مَوْضِعَ الْغِذَاءِ مِنْهُ كَكِرْشِهِ وَأَمْعَائِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْحُوتِ يُوجَدُ فِي بَطْنِ الطَّيْرِ الْمَيِّتِ، وَهَذَا إذَا ذُبِحَ بِحِدْثَانِ اسْتِعْمَالِهِ لِلنَّجَاسَةِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ.

ص (وَقَيْءٌ إلَّا الْمُتَغَيِّرُ عَنْ الطَّعَامِ)

ش: هَذَا كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَا خَرَجَ مِنْ الْقَيْءِ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ فَهُوَ طَاهِرٌ وَمَا تَغَيَّرَ عَنْ حَالِ الطَّعَامِ فَنَجِسٌ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ نَجِسٌ كَيْفَمَا كَانَ التَّغَيُّرُ وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَهَا سَنَدٌ وَالْبَاجِيُّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ إذَا تَغَيَّرَ إلَى أَحَدِ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ وَتَبِعَهُ عِيَاضٌ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ إنْ شَابَهَ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ، أَوْ قَارَبَهَا فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْقَيْءَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مَا شَابَهَ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ، أَوْ قَارَبَهَا نَجِسٌ اتِّفَاقًا، وَمَا كَانَ عَلَى هَيْئَةِ الطَّعَامِ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَاهِرٌ اتِّفَاقًا لَكِنْ أَلْزَمَ ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ يَقُولُ بِنَجَاسَةِ الصَّفْرَاءِ وَالْبَلْغَمِ أَنْ يَقُولَ بِنَجَاسَةِ الْقَيْءِ مُطْلَقًا، وَمَا تَغَيَّرَ عَنْ هَيْئَةِ الطَّعَامِ وَلَمْ يُقَارِبْ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ بِأَنْ يَسْتَحِيلَ عَنْ هَيْئَةِ الطَّعَامِ وَيَسْتَعِدَّ لِلْهَضْمِ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ بِأَنْ تَظْهَرَ فِيهِ حُمُوضَةٌ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ نَجِسٌ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ وَابْنِ بَشِيرٍ وَعِيَاضٍ.

(فَرْعٌ) عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَيْءَ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ هَيْئَةِ الطَّعَامِ فَهُوَ طَاهِرٌ وَلَوْ خَرَجَ مَعَهُ بَلْغَمٌ، أَوْ صَفْرَاءُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْبِسَاطِيُّ.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ الْقَلْسُ مَاءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>