للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلنَّجَاسَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الدَّمْعَ أَيْضًا قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ كَلَامَ الْبِسَاطِيِّ يُعَارِضُ ذَلِكَ.

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) قَالَ الشَّارِحُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْضُ مِنْ الطَّيْرِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَيْضَ الْحَشَرَاتِ مُلْحَقٌ بِلَحْمِهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ ابْنُ بَشِيرٍ.

(قُلْتُ:) بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ؛ لِأَنَّ الْحَشَرَاتِ إذَا أُمِنَ سُمُّهَا مُبَاحَةٌ فَتَأَمَّلْهُ، وَمَا ذَكَرَ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ قَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ وَبَيْضُ الطَّيْرِ طَاهِرٌ وَسِبَاعُهُ وَالْحَشَرَاتِ كَلَحْمِهَا وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

(وَالثَّانِي) قَالَ الْبِسَاطِيُّ هُنَا بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّهُ شُهِرَ هُنَا أَنَّ عَرَقَ السَّكْرَانِ وَبَيْضَ الْجَلَّالَةِ طَاهِرٌ وَفِيمَا يَأْتِي أَنَّ رَمَادَ النَّجِسِ وَدُخَانَهُ نَجِسٌ وَالْقَوْلَانِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا تَغَيَّرَتْ أَعْرَاضُهَا هَلْ تَطْهُرُ، أَوْ لَا؟ فَانْظُرْ مَنْ فَصَّلَ.

(قُلْتُ:) أَمَّا الْمُصَنِّفُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلتَّوْضِيحِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي تَوْضِيحِهِ فِي اللَّبَنِ وَالْبَيْضِ وَالْعَرَقِ أَنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُونَ كَعَبْدِ الْحَقِّ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ يُونُسَ الطَّهَارَةُ وَذَكَرَ فِي رَمَادِ الْمَيْتَةِ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ، أَمَّا وَجْهُ التَّفْصِيلِ فَظَاهِرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الِانْقِلَابَ فِي اللَّبَنِ وَالْبَيْضِ وَالْعَرَقِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي رَمَادِ الْمَيْتَةِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (إلَّا الْمِذْرَ) : بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةُ أَيْ الْفَاسِدَ وَهُوَ مَا عَفِنَ، أَوْ صَارَ دَمًا، أَوْ مُضْغَةً، أَوْ فَرْخًا مَيِّتًا قَالَ النَّوَوِيُّ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا اخْتَلَطَ فِيهِ الصَّفَارُ بِالْبَيَاضِ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْأَخِيرَ طَاهِرٌ إذَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ عَفَنٌ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ يُوجَدُ فِي وَسَطِ بَيَاضِ الْبَيْضِ أَحْيَانَا نُقْطَةُ دَمٍ فَمُقْتَضَى مُرَاعَاةِ السَّفْحِ فِي نَجَاسَةِ الدَّمِ لَا تَكُونُ نَجِسَةً وَقَدْ وَقَعَ الْبَحْثُ فِيهَا مَعَ جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَظْهَرْ غَيْرُهُ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَسَائِلِ ابْنِ قَدَّاحٍ يُؤْمَرُ بِغَسْلِ الْبَيْضِ قَبْلَ كَسْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَغْسِلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ فَتَاوَى ابْنِ رُشْدٍ لِابْنِ عَبْدِ الرَّفِيعِ التُّونُسِيِّ أَفْتَى الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ فِي الَّذِي يَجْعَلُ الْبَيْضَ فِي الطَّعَامِ لَا يَغْسِلُهُ عِنْدَ شَيِّهِ وَهِيَ مَمْلُوءَةٌ بِأَذَى الدَّجَاجِ أَنَّ غَسْلَ الْبَيْضِ حَسَنٌ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا يُفْسِدُ ذَلِكَ الطَّعَامَ انْتَهَى. وَكَأَنَّهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الطَّيْرِ جَلَّالَةً وَأَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ بَوْلِهَا أَوْ اسْتِقْذَارًا لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَالْخَارِجُ بَعْدَ الْمَوْتِ)

ش: يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَضَلَاتِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ: " وَالدَّمْعُ وَالْعَرَقُ وَاللُّعَابُ وَالْمُخَاطُ مِنْ الْحَيِّ طَاهِرٌ " يَعْنِي أَنَّهَا مِنْ الْمَيْتَةِ نَجِسَةٌ، وَمِنْ الْمُذَكَّى طَاهِرَةٌ، وَمِنْ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ عَلَى الْخِلَافِ فِي طَهَارَتِهِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالدَّمْعُ وَالْعَرَقُ وَالْمُخَاطُ وَالْبُصَاقُ كَمَحِلِّهِ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ عِنْدِي أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ خَاصٌّ بِالْبَيْضِ قَالَ وَحَمَلَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ عَلَى أَنَّهُ عَامٌّ فِي الْعَرَقِ وَاللُّعَابِ وَالْمُخَاطِ وَالدَّمْعِ وَالْبَيْضِ وَهُوَ يُزِيلُ الْإِشْكَالَ انْتَهَى.

(قُلْتُ) وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ وَلَعَلَّ قَوْلَهُ يُزِيلُ الْإِشْكَالَ مِنْ الْإِزَالَةِ إلَّا أَنَّ سِيَاقَ كَلَامِهِ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) أَطْلَقَ فِي الْبَيْضِ الْخَارِجِ بَعْدَ الْمَوْتِ سَوَاءٌ كَانَ رَطْبًا، أَوْ يَابِسًا وَهُوَ كَذَلِكَ، أَمَّا الرَّطْبُ فَبِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا الْيَابِسُ فَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ حَكَى الْقَوْلَيْنِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الضَّحَايَا مِنْ الْبَيَانِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ نَاجِي وَغَيْرُهُمْ وَاقْتَصَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ، وَكَذَلِكَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي اللُّبَابِ فَأَوْهَمَ كَلَامُهُمَا أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

ص (وَلَبَنُ آدَمِيٍّ إلَّا الْمَيِّتِ)

ش: قَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَحِلُّ اللَّبَنُ فِي ضُرُوعِ الْمَيْتَةِ قَالَ ابْنُ نَاجِي مَا ذَكَرَهُ مُتَّفِقٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْجُسُ بِالْوِعَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَبَنَ مَيْتَةِ آدَمِيٍّ فَفِيهِ خِلَافٌ لِقَوْلِهَا فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ بِالتَّنْجِيسِ، وَقِيلَ: إنَّهُ طَاهِرٌ انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مَا يَخْرُجُ مِنْ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ مِنْ لُعَابٍ وَمُخَاطٍ وَدَمْعٍ، وَإِنَّ حُكْمَهُ يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ فِي طَهَارَتِهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيمَا يُبَانُ مِنْ الْأَعْضَاءِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: " وَمَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ وَمَيِّتٍ ".

ص

<<  <  ج: ص:  >  >>