للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن كل شر من أمرنا الشرعي {فَاتَّبِعْهَا} فإن في اتباعها السعادة الأبدية والصلاح والفلاح، {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}؛ أي: الذين تكون أهويتهم غير تابعة للعلم ولا ماشية خلفه، وهم كل من خالف شريعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - هواه وإرادته، فإنه من أهواء الذين لا يعلمون" (١).

وقال القرطبي: "فمعنى {جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ}؛ أي: على منهاج واضح من أمر الدين يشرع بك إلى الحق" (٢).

وقال -تعالى-: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١)} [هود: ١].

قال الطبري: "وأما قوله: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ}، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: تأويله: أحكمت آياته بالأمر والنهي، ثم فصلت بالثَّواب والعقاب.

. . . . قول آخر: عن الحسن قال: {أُحْكِمَتْ}، بالثواب والعقاب {ثُمَّ فُصِّلَتْ}، بالأمر والنهي. وقال آخرون: معنى ذلك: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} من الباطل، ثم فصلت، فبين منها الحلال والحرام. . . . قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، قولُ من قال: معناه: أحكم الله آياته من الدَّخَل والخَلَل والباطل، ثم فصَّلها بالأمر والنهي. وذلك أن "إحكام الشيء" إصلاحه وإتقانه وإحكام آيات القرآن: إحكامها من خلل يكون فيها، أو باطل يقدر ذو زيغ أن يطعن فيها من قِبَله. وأما "تفصيل آياته" فإنه تمييز بعضها من بعض، بالبيان عما فيها من حلال وحرام، وأمرٍ ونهي" (٣).

وقال ابن كثير: "وأما قوله: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ}؛ أي: هي محكمة في لفظها، مفصلة في معناها، فهو كاملٌ صورةً ومعنى. هذا معنى ما روي عن مجاهد، وقتادة، واختاره ابن جرير. وقوله: {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}؛ أي: من عند الله الحكيم في أقواله، وأحكامه، الخبير بعواقب الأمور" (٤).


(١) المرجع السابق ص ٧٧٧.
(٢) تفسير القرطبي ١٦/ ١٦٣.
(٣) تفسير الطبري ١٢/ ٣٠٨ - ٣١٠، تحقيق د. عبد الله التركي.
(٤) تفسير ابن كثير ص ٦٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>