للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفرض ما "نتصوره" على موجودات موضوعية، وإنما يكون التوازن الحقيقي بين العقل والوجود، هو في محاولة إخضاع ما هو "ذاتي" إلى ما هو "موضوعي".

حيث ترتبط تصوراتنا وأفكارنا بتصورات أخرى قائمة في بنية المجتمع، كما تتصل أفكارنا بأفكار أخرى قائمة في بنية المجتمع، كما تتصل أفكارنا بأفكار أخرى وردت من حركة التاريخ. واستنادًا إلى "بنية المجتمع من جهة" وإلى "روح العصر، من جهة أخرى صدرت وأصبحت كل المعارف والأشياء والتصورات نسبية "" Relative" (١) .

وأختم هذه الأصول الخطيرة بمثال ينطبق على أكثرها لمفكر معاصر هو "د. حسن حنفي"، فهو ممن توسع في تبديل الشريعة تحت ضغط وتأثير منهجيات مختلفة ترجع إلى كيفية التعامل مع الأصول والنصوص الدينية، وقد ذكرت طريقته في التعامل مع القضايا الغيبية في فقرات سابقة، وظهر منها أن تفسيراته لا تخضع لضابط واضح، بل هي مفتوحة على ما أسماه "الشعور"، وهو مصطلح غامض، ولكن التطبيقات تكشف أن مفهوم الشعور أقرب لمفهوم الهوى، ما يهواه الفرد وما تهواه الجماعة، حتى وإن خالف ما أخبر الله به وما أمر به.

ومن ذلك إخضاع الشريعة للتبديل والتغيير وفق المصالح والأهواء، وأكبر دليل له هو مبحث أسباب النزول (٢)، فهذا المبحث -عند حنفي- يؤكد أن الأحكام ترتبط بالمصالح، وإذا تغيرت هذه المصالح فمن الخطأ الثبات على الأحكام، ثم يُخضع كل الشريعة لمثل هذه الرؤية، فتصبح شريعةً لا تعرف الثوابت والأصول والأمور القطعية، وهذا أمر في غاية الخطورة، فهو من التلاعب بشرع الله سبحانه، فالشريعة إنما جاءت لتغيير أحوال الناس الفاسدة ومعالجة الأمراض وإصلاح العباد وتزكية نفوسهم، ولم تأت لموافقة أهوائهم.

يقول: "وإن أهم ما يميز التراث في أصوله وفي نشأته وتطوره هو حركته


(١) قضايا علم الأخلاق دراسة نقدية من زاوية علم الاجتماع، د. قباري إسماعيل ص ٢٢ - ٢٣.
(٢) انظر: مبحث: ماذا تعني أسباب النزول؟ في كتابه: الدين والثورة، حسن حنفي ٧/ ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>