للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دائرة الاقتصاد دون أن تتجاوزه حتى جاءت الماركسية التي جعلت من الاقتصاد نظرة شاملة للفاعلية الإنسانية (١)، وتبدأ من ذكر ما يختلف الإنسان به عن الحيوان في تفاعله مع ما حوله بأن "قصارى جهد الحيوان هو جمع مقومات حياته والتقاطها، بينما يكون الإنسان منتجًا لها، فهو ينتج تلك المقومات التي لا تخلقها الطبيعة إلا بمشاركته وتدخله، ويعد الإنتاج الذي يهدف إلى إشباع مطالب الإنسان الحيوية أشد فاعليات الإنسان أهمية. . . . والإنتاج بمثابة عملة ذات وجهين، يسمى أحدهما "قوى الإنتاج"، والآخر "علاقات الإنتاج"، ويكونان معا ما تسميه "المادية التاريخية" "بأسلوب الإنتاج"" الذي هو في النهاية النظام الاقتصادي "الذي يسود المجتمع في مرحلة تاريخية محددة، وهو القاعدة الأساسية التي ترفع فوقها أبنية النشاط الإنساني جميعًا"، فأما قوى الإنتاج فتتألف من أدوات الإنتاج والبشر الذين يستخدمونها بما عندهم من خبرات، أما علاقات الإنتاج فهي التي تنشأ أثناء الإنتاج بين الناس، أو بالأحرى بين الطبقات، وهناك في العادة طبقة مالكة لوسائل الإنتاج ومستغلة، وهناك طبقة عاملة ومُسَتغلة (٢)، ويكون أسلوب الإنتاج بوجهيه "القوى والعلاقات" هو القاعدة، وهو"العامل الحاسم في صوغ سائر العلاقات والنظم الاجتماعية والسياسية والقانونية والخلقية والفلسفية والدينية والعلمية والفنية التي تمثل بدورها "البناء الأعلى" الذي يستمد وجوده واستمراره من أسلوب معين للإنتاج. . . ." (٣).

وبهذا ترد الماركسية بصورة واضحة القيم إلى الأساس الاقتصادي، وهي قيم متغيرة ومتطورة مع تغير وتطور الإنتاج، وسيبقى الصراع بين الطبقات حتى ترث البروليتاريا -طبقة العمال- كل الطبقات وتسود أخلاقها التي هي أفضل الأخلاقيات (٤).

وقد ظهر الاتجاه الماركسي في العالم الإِسلامي بعد عام (١٩١٩ م)،


(١) انظر: نظرية القيم في الفكر المعاصر، قنصوه ص ٩٣.
(٢) نظرية القيم في الفكر المعاصر ص ٩٥ - ٩٦، مع شيء من الاختصار.
(٣) المرجع السابق ص ٩٧ - ٩٨.
(٤) انظر: المرجع السابق ص ١٠٢، وانظر: الموسوعة الفلسفية العربية ص ٤٣، وانظر: القيم بين الإِسلام والغرب. . . .، د. المانع ص ١٢٩ وما بعدها، وص ٣٢٨ وما بعدها، وانظر: المذاهب الأخلاقية .. ، د. عادل العوا ٢/ ١٣١ - ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>