للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو قانون لا يفرق بين الإنسان وغيره من الكائنات الحية، ويخضع الإنسان -كونه من الطبيعة- لقانون الحتمية الصارمة، وهي بهذا تلغي دور الإنسان المكلف، كما أنها تلغي قيمة الدين وكل قيمة توجه الإنسان وكل غاية نبيلة. كما أن هذا التصور البيولوجي ينزع المسؤولية عن الإنسان ويضع زمامه في يد القانون الطبيعي (١).

النفسي: قد يرتفعون قليلًا بالإنسان عن الموقف البيولوجي من مشاركته الحيوان ويردونه إلى "التكوين النفسي للفرد بما ركب فيه من عدد، قد يقل أو يزيد، من الغرائز والدوافع والميول، محكومة بحتمية نفسية لا مهرب منها"، حتمية داخلية، وهنا أيضًا تضيع المسؤولية والإلزام، فلا معيار إلا بما تحكم به الرغبة (٢).

الاجتماعي: المجتمع عند دوركايم هو أصل القيم ومصدر الإلزام بل إنه مصدر كل مقدس بما في ذلك الدين، وتطبيقًا لهذا فإن الفرد سواء حقق قيمة أو تمرد عليها يكون ممثلًا في الحالين لإرادة العقل الجمعي الذي يلزمه بهذا الإذعان أو ذاك العصيان، فكأن الأفراد لا يملكون من أمر أنفسهم شيئًا، ويصبح العقل الجمعي أو المجتمع مشجبًا تعلق عليه حلول كافة المشكلات، وتصل عند بريل لنتيجتها المنطقية "فينكر مشروعية بحث ما ينبغي"؛ لأن المجتمع هو الذي يتحكم (٣).

الاقتصادي: يختزلون -كغيرهم- الفاعلية القيمية إلى مجرد نشاط اقتصادي، فتدخل في نفس الإشكالية التبسيطية للفاعلية الإنسانية، كما أن حتميتها أضيق من حتمية العقل الاجتماعي، فتدخل في نفس المشكلات السابقة (٤).

[٣] لا ينبع الاشتباه في المواقف العلموية من ذاك التعارض البارز فيها


(١) انظر: نظرية القيم في الفكر المعاصر ص ١٨٢ - ١٨٣.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ١٨٤.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ١٨٥ - ١٨٧، وانظر: الأحكام التقويمية في الجمال والأخلاق، د. رمضان الصباغ ص ٢٥٤ - ٢٥٥.
(٤) انظر: نظرية القيم في الفكر المعاصر، قنصوه ص ١٨٩ - ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>