للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين يتباكون على ضياع الأخلاق، بمجيء الاشتراكية والفلسفات العلمية الأرضية، إنما يتباكون على ضياع أخلاق خاصة، أخلاق تمكنهم من النهب والاستغلال والتسلط. . . . إن ما يخافونه هو أن تزول الأخلاقيات التي تمكنهم من الاستمرار في وضعهم الطبقي الممتاز على حساب الأكثرية" (١)، والحل هو في تغيير المجتمع الطبقي بتغيير الظروف المادية، فكثير من القيم والفضائل تبدو باهتة في المجتمعات الطبقية (٢)، نعم يوجد بسبب التفاوت بين البشر -من غنى وفقر، ومن سلطة ونفوذ أو عدمها- صور من الاستغلال وفساد أخلاقي عند قوم، ولكن هؤلاء تحت دعوى العلمية المادية حصروا الحل في الجانب المادي وبطريقة واحدة، هي: تبديل الظروف المادية، وهنا يتم استبعاد الدين بما فيه من تصورات وتوجيهات لمثل هذه القضايا. وقد أعلنت هذه التوجهات الماركسية فشلها في العالم كلّه، ومع ذلك فقد عميت بصائر هؤلاء عن أهمية الدين لدرجة تسوية الكاتب بين أنبياء الله وبين شذاذ البشر، فنجده يقول: "إن خير ما في "المسيح" و"سقراط"، وخير ما في كل دين، ونبي من بطولة وإيمان وتحد ومحبة، موجود أيضًا عند جيفارا، والليندي، وسائر المؤمنين بقضية العدالة والحرية" (٣).

ويأتي في هذا السياق كتاب "البنى الأساسية في علم الأخلاق" بوجه ماركسي ومادي، وفي عنوان ملفت "الأخلاق والعلم" يتحدث "الجبر" عن صلة الأخلاق بالدين والعلم بأسلوب تغريبي، فالأخلاق ذات وجه سلبي قاتم عندما تتصل بالدين، بخلاف علاقتها بالعلم فهي تظهر بوجه جميل. بل يُظهر أن فساد الأخلاق عائد إلى ربطها بالدين والإله بينما حُسْنها يرتبط بالإلحاد والعلمية المزعومة، وفيما يظهر أنه يعتمد في ذلك على أفكار ماركسية، فيقول: "ربطت المجتمعات المسيطرة الأخلاق بالدين. وتستند المجتمعات المسحوقة في نضالها من أجل تحررها، على النظرة العلمية للأخلاق وبربطها بالعلم. ولكي تحتفظ المجتمعات المسيطرة بسلطتها، فهي بحاجة إلى نظرة عن العالم قادرة على إعطاء


(١) المرجع السابق ص ١٥٩.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ١٥٦.
(٣) المرجع السابق ص ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>