للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علاقة بصحة الإِسلام، بحيث يضع القواعد الكلية لهذا الباب المنبثقة من التصور الإِسلامي ويترك ما سوى ذلك لجهد البشر.

تقوم صحة الإنسان في التصور الإِسلامي على أصول إسلامية مهمة بحيث تكون هذه الأصول الإطار الإرشادي لجانب الطب، ويعارضها أصول علمانية ترتبط بالتصور العلماني الذي تأثر به المتغربون فيتحرك الطب هنا مع البدن، وكأنه جسم مادي لا روح له، يكفي عندهم اكتشاف المرض ودوائه وعندها يتخلص الإنسان من أمراضه ويعيش سعادته الدنيوية، بينما واقع البشرية يكشف عن تطور المرض مع تطور الطب، بل ظهور أمراض جديدة لم يعرفها العالم من قبل واستعصى بعضها عن العلاج، مما جعل هذا الأمل المقطوع عن الإيمان بالله وهمًا وزيفًا، ولهذا يعارض التصور الإِسلامي النظر للإنسان كجسم مادي فقط غير مرتبط بروح تحتاج لقيم وإيمان، وبهذا يتكامل الطب في الإطار الإِسلامي مع جانب القيم والدين، فالطب في الإطار العلماني ينظر للإنسان مفصولًا عن حاجته للإيمان وعن حاجته لتشريع سماوي، لهذا يتم علاج البدن والنفس دون مراعاة لعلاقة البدن بالروح، ويتم بحث ذلك دون مراعاة للحلال والحرام والقيم.

وفي هذا الإطار يأتي الإرشاد النبوي في أبواب صحة الإنسان مرتبطًا بهذا التصور الإِسلامي الشامل، تلك الصحة التي تعد نعمة من الله سبحانه، ومن ثم فحفظها يرتبط بالإيمان بواهبها، فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" (١)، يقول د. محمَّد البار: "فلا غرو إذن أن يهتم نبي الإِسلام - صلى الله عليه وسلم - بتنبيه المؤمنين على نعمة الصحة، واتخاذ جميع التدابير للمحافظة عليها. . . ." (٢).

وعندما يأتي التوجيه النبوي في باب صحة الإنسان، فهو يأتي من قبل العليم الحكيم، ولهذا يأتي الإرشاد النبوي ليعالج أكثر من جانب بسبب الشمول والتكامل النابع من علم المرشد وحكمته، فيتجاوز بذلك المسألة الجزئية إلى


(١) البخاري، كتاب الرقاق، باب لا عيش إلا عيش الآخرة، برقم (٥٩٣٣).
(٢) من مقدمة د. البار لكتاب الطب النبوي لابن حبيب ص، وانظر: مقدمة خمسون فصلًا في التداوي والعلاج والطب النبوي، لابن مفلح، بعناية عادل آل محمد ص ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>