للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا العلاج، ومن ذاك العاقل الذي ينكر حجم الشذوذ في بيئات ساد فيها التعري والاختلاط؟ ولهذا يتحول العلاج مع الماركسي شكري إلى علاج اقتصادي، فسبب القلق يعود بحسب الرؤية الماركسية إلى الاقتصاد، ولذا يكون العلاج أيضًا بتغيير طبقي يعالج الوضع الاقتصادي الذي تسبب بهذا المرض، وهكذا ينتقلون من مرض لمرض وهم يحسبون أنهم يتبعون أفضل العلوم الطبية النفسية في معالجة القلق، ومع ذلك لم يظهر أثر نافع لذلك، وقد رأينا شهادات لعلماء النفس المعالجين -مثل يونغ- أن المشكلة ترتبط حقيقة بفقد الدين في المجتمع الحديث.

النموذج الثاني: يمثل النموذج الثاني مشكلة عدم التفريق بين الأنواع الثلاثة من العلاج: العلاج النبوي والعلاج العلمي والعلاج السحري، فنقصد بالنبوي ما جاء ذكره في الطب النبوي مرفوعًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والعلاج العلمي ما قام على المنهج العلمي التجريبي التطبيقي، والسحري ما قام على الخرافة والاحتيال والاستعانة بالجن، ويعد كتاب "د. عبد المحسن صالح" "الإنسان الحائر بين العلم والخرافة" من الكتب الجيدة التي تحارب الجانب الخرافي والسحري، وهو أمر من صلب المنهج الإِسلامي الذي شدّد في النهي عن هذا النوع، لاسيّما إذا خالطه السحر، وهو بهذا يدفع المسلم نحو النافع له من علاج ديني أو دنيوي صحيح، ولكن قد يختلط الأمر على بعض من لا يحيط علمًا بالتصور الإِسلامي، وبسبب نفوره من السحر والخرافة يشتط فيقيس ما جاء به الشرع بمثل هذا النوع، ويتعمق عند بعضهم عندما يظن أن ما جاء به الدين هو ما يحصل من مدّعي الولاية من علاجات ينسبونها للدين، مع أن حالهم بعيدة عن ذلك؛ فقد تلبسوا بالبدع والمفاسد التي نهى عنها الدين، فتكون هذه الأحوال مدعاة لشطط آخرين في نبذ العلاج الديني.

ففي أثناء حديثه عن التعاويذ المحرمة يدمج معها قضايا هي من الرقية الشرعية الصحيحة، ومن ذلك: "يقوم الطب الخرافي في أحيان كثيرة على تعاويذ وأحجبة، ووضع يد الشيخ المداوي على موقع الجزء المريض مع تمتمة ودعوات قد تكون غير واضحة، ولا مفهومة" (١)، ويقول بعد ذلك: "ومن الغريب حقًا أن


(١) الإنسان الحائر بين العلم والخرافة، د. عبد المحسن صالح ص ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>