للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاقتصادي، فكيف حدث هذا التحول تحت دعاوى العلمية؟ وما أبعاده في العالم الإِسلامي؟

من بين أهم المداخل التي دخل بها الربا داخل النظام الاقتصادي مدخلًا العلمانية والعلمية، فمن خلال العلمانية تم إقصاء التوجيه الديني عن المناشط الجديدة التي بدأ تأسيسها على العلم، وعندما انفلت العلم الحديث عن الدين انطلق -لأن الدين الذي كان يقيده ليس هو الدين الحق، بل دين محرف- ولكن انطلاقته دون توجيه رباني واعتماده فقط على الوهم بقدرة العلم على تصحيح المسار جعله يشتط في باب المعاملات المحرمة، فأدخلها هذا العلم الجديد ضمن البناء الاقتصادي تحت مسمى العلمية، مما يجعل الاعتراض عليها من باب الاعتراض على العلم.

وفي مقابل هذا الشطط الذي أدخل المعاملات المحرمة -لاسيّما الربا- ضمن الاقتصاد جاء تيار آخر أكثر شططًا، فسّر تحت مسمى العلمية أيضًا ظاهرة الربا كظاهرة مرضية خطيرة، ووضع مقترحاته العلمية من أجل نزعها من النظام الاقتصادي. ويُعدّ النظام الاشتراكي لاسيّما في صورته الماركسية أبرز ممثل للتوجه الثاني يقابل في ذلك النظام الرأسمالي الذي يمثل التوجه الأول المدافع عن الربا، ويتكون من هذين النظامين أشهر التوجهات الاقتصادية الحديثة. وفي مقابلهما يظهر النظام الإِسلامي للاقتصاد بخصائصه العظيمة، لاسيّما من جهة ربانيته وشموليته ومرونته (١)، ويبقى الجهد كبيرًا وملحًا على علماء المسلمين في إخراجه للعالم، والعجيب أننا بينما نجد في المسلمين من يزهد في النظام الاقتصادي الإِسلامي نجد من الغربيين من يلمح فيه "اقتصادًا فريدًا يمكن للآخرين أن يجدوا فيه شيئًا ثمينًا، ويقول: "إن التصور الإِسلامي للحياة الاقتصادية في غاية التميز، وفي منتهى السمو الأخلاقي، وليس أقل فعالية من أي شيء قدمه الغرب المادي المتهور". ويقول أيضًا: "لو عرف الاقتصاديون الغربيون المزيد عن القرآن، لفهموا قيمة الاقتصاد الإِسلامي" .. يقول ذلك في معرض رده على هنتيغتون. ." (٢).


(١) انظر: خصائص إسلامية في الاقتصاد، د. حسن العناني ص ١٩ وما بعدها، تقديم د. أحمد النجار.
(٢) الربا والفائدة. دراسة اقتصادية مقارنة، د. رفيق المصري، د. محمد الأبرش ص ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>