للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن للأسف فقد غلب على الكتابات العربية الجانب الوصفي والنقلي أو التحمس للخيار الرأسمالي أو الاشتراكي، فكانت تتحدث عن النظريات الغربية كما هي؛ أي: عما هو واقع، بينما يواجه الفكر الإِسلامي جهدًا أشق، وهو الكتابة عن الشيء المأمول أو عن الشيء الذي نفقده ونسعى للحصول عليه وفق التصور الإِسلامي (١)، ويزداد الأمر صعوبة مع احتكار الغرب دراسة هذا العلم لأكثر من قرنين حيث عبّأه بكل خصائصه وظروف بيئاته هناك، متأثرًا بالظروف الموضوعية والخلفية التاريخية والأخلاقية لتلك الأرض التي نشأ عليها. ورغم تباين الدراسات إلا أنها تصدر عن أصل واحد: الفصل بين النشاط الاقتصادي والأخلاق، فعالم الاقتصاد لا يعنيه أن يكون النشاط أخلاقيًا أو غير أخلاقي، حرامًا أو حلالًا، عدلًا أم ظلمًا، وإنما يعنيه أن يحقق منفعته الآنية حتى ولو كان ذلك على حساب غيره وعلى حساب قيمه وعلى حساب دينه، وبهذا الفصل يتم إبعاد الدين عن التوجيه (٢).

الربا في الفقه الإِسلامي:

قبل دراسة صورة تأثير النظريات العلمية الاقتصادية حول الربا في الفكر التغريبي أذكر باختصار تعريف الربا في الفقه الإِسلامي مع الأدلة:

قال ابن قدامه في خلاصة مركزة هي خلاصة الفقه الإِسلامي حول الربا: "الربا في اللغة: هو الزيادة. قال الله تعالى: {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ}، وقال: {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ}؛ أي: أكثر عددًا، يقال: أربى فلان على فلان، إذا زاد عليه.

وهو في الشرع: الزيادة في أشياء مخصوصة.

وهو محرم بالكتاب، والسنة، والإجماع؛ أما الكتاب، فقول الله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} وما بعدها من الآيات.

وأما السنة، فروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "اجتنبوا السبع الموبقات". قيل: يا رسول الله ما هي؟ قال: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا


(١) انظر: خصائص إسلامية في الاقتصاد، أعدّه د. حسن العناني، وتقديم د. أحمد النجار ص ١١.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ١٢ - ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>