للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى: أن الحياة الاقتصادية تسير وفقًا لقوانين طبيعية محددة تسيطر على الكيان الاقتصادي للمجتمع، وواجب العلماء تجاه تلك القوى المسيطرة على الحياة الاقتصادية هو تتبعها بالبحث والتقصي والدراسة بهدف استكشاف قوانينها العامة وقواعدها الأساسية.

الثانية: أن تلك القوانين الطبيعية كفيلة بضمان السعادة للبشرية إذا عملت في جو "حر" وتيسر لجميع أفراد المجتمع التمتع بالحريات الرأسمالية.

وقد نشأ عن الفكرة الأولى: البذرة العلمية للاقتصاد الرأسمالي ووضعت الفكرة الثانية بذرته المذهبية. وهكذا قدم الليبراليون نظامهم مدعين أنه ليس من اكتشافهم أو اختراعهم، بل هو نظام قائم على قوانين الطبيعة الكفيلة برخاء الإنسانية؛ فكل تدخل من جانب الإنسان في هذا القانون هو جريمة في حق القوانين الطبيعية العادلة" (١).

ويربط "صادق العظم" بين المادية الميكانيكية المبنية على فيزياء "نيوتن"، وبين التوجه الجديد للاقتصاد مع "سميث"، فقد وضع العظم مدخلًا للتصور العلمي - المادي للكون وتطوره، ليحولها إلى مادية ميكانيكية قاسية امتدت بظلالها لكثير من العلوم، ومن ذلك علم الاقتصاد، فيقول: "أما في مجال النشاط الاقتصادي فتصبح الوحدة البسيطة "الإنسان الاقتصادي" "كما سماها آدم سميث"، الذي يتحرك دومًا وبصورة أوتوماتيكية بدافع زيادة أرباحه إلى أقصى حد ممكن وخفض خسائره إلى أدنى حد ممكن. ويتركب النشاط الاقتصادي العام للمجتمع من مجموع التأثيرات المتبادلة بين "الذرات الإنسانية الاقتصادية" وفقًا لحركتها الآلية، وذلك ضمن مجال السوق الحرة بخصائصها وقوانينها الثابتة" (٢).

وسبب الدور الذي أُعطي للقوانين الطبيعية أنه بعد تحول الغرب نحو العلمانية بحث عن مصدر جديد كلي مكان الدين فكان الطبيعة، وقد أصبح لها


(١) النظرية الاقتصادية في الإِسلام. . . .، فكري نعمان ص ٥٦ - ٥٧.
(٢) نقد الفكر الديني، د. صادق العظم، ١٣٤ - ١٣٥، وانظر: تاريخ الفكر الاقتصادي. . . .، د. محسن كاظم ص ١٢٧، وانظر: العلمانية. . . .، سفر الحوالي ص ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>