للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلم وفي تنظيم العلاقة بين الجنسين، وعندما يقع الإخلال بهذا الجزء المهم يتأثر تبعًا لذلك التنظيم الاجتماعي الإسلامي، وبتأثره يقع الفساد العريض في المجتمع، وهو فساد تعرفه المجتمعات المعاصرة، ولكنها تدعي إمكانية التعايش معه وأنه ضريبة الحداثة والتقدم ورفض بحث طرح الحل الإسلامي للموضوع، مع أن جميع المؤشرات تبيّن ذاك المسار الخطير للبشرية بسبب الانفلات في باب العلاقة المفتوحة بين الجنسين وباب إهمال الأخلاقيات الدينية المتعلقة باللباس وأخلاقيات العلاقة بين الجنسين (١).

نماذج من الانحراف في باب الحجاب:

النموذج الأول: قاسم أمين والمراحل الثلاث لموقفه من الحجاب:

إذا جاء الحديث عن الحجاب في العصر الحديث يبرز اسم قاسم أمين كرمز ارتبطت به قضية الحجاب، ويُعد ما عرضه من قضايا حول المرأة -عمومًا والحجاب خصوصًا- مدار الحديث عند أغلب من جاء بعده، وتبحث هذه الفقرة علاقة ما عرضه تحت دعوى العلمية ونظريات العلم فقط.

يذكر الدارسون لنشاط قاسم أمين حول المرأة -ولاسيّما حجابها- ثلاث مراحل: [المرحلة الأولى] الرد على كاتب أوروبي "داركور" الذي ألف كتابًا في نقد المجتمع المصري ونقد فيه وضع المرأة في مصر وأعاد السبب للحجاب، فتألم "قاسم" من هذا الهجوم وقام بتأليف كتاب باللغة الفرنسية في الرد عليه، ومن ذلك دفاعه عن حجاب المرأة المسلمة وعن حكمة منع الإِسلام من الاختلاط بين الجنسين (٢). جاءت [المرحلة الثانية] بعد عودته من فرنسا، وقد رأى في فرنسا صورة جديدة للحياة، وتأثر بها، واطلع على الفكر الأوروبي الحديث وأصحابه ومنهم "نيتشه" و"داروين" و"ماركس" و"سبنسر" و"رينان" و"فولتير" وغيرهم، كما أن هناك حركات نسائية عُرفت في القرن


(١) انظر حول مشكلة الفساد الناتج عن إهمال القيم الدينية في هذا الباب: الحجاب، أبو الأعلى المودودي ص ٥٥ وما بعدها، وانظر: المرأة بين الفقه والقانون، د. مصطفى السباعي ص ٢٠٩ وما بعدها.
(٢) لم يترجم هذا الكتاب للعربية إلا بعد وفاة المؤلف، وقد أخرجه محمد عمارة ضمن الأعمال الكاملة لقاسم ص ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>