للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث عشر / التاسع عشر داخل أوروبا وأمريكا (١)، كما أنه في هذه المرحلة قد خالط دعاة الاتجاه الإِسلامي الجديد في مصر جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وتأثر بهم، كما أنه بعد عودته من البعثة عاش واقعًا جديدًا تحت الاحتلال البريطاني وعاصر تغيرات ضخمة في العالم الإسلامي، وفي هذه الأجواء أخرج كتابه الثاني بعنوان:"تحرير المرأة"، وقد ناقش فيه مشكلات مختلفة حول وضع المرأة المصرية، وناقش فيه مسألة الحجاب معتمدًا في هذه المسألة بالذات على التراث الإسلامي، فاختار منه القول بجواز كشف الوجه والكفين. ولكن الإطار الذي بحث فيه هذه المسألة يختلف عن سابقه، فقد برز التأثير الخارجي عليه من جهة مرجعية أفكاره الجديدة، أما عودته للتراث فهي من باب البحث عن سند تراثي لأفكاره الجديدة، ويقال: إن المباحث الفقهية التي في الكتاب قد اعتمد فيها على الشيخ محمد عبده إن لم يكن الشيخ هو من كتبها (٢).

ومن تفحص كتابه يعلم أن مشكلته تكمن في الإطار الذي وضع فيه مباحث كتابه أو في الرؤية الموجهة لتلك المباحث وليس في تفاصيل ما ذكره؛ أي: في إطار الأفكار الجديدة التي تأثر بها وإطار التحول الاجتماعي التغريبي الذي جرّه إليه، وقد اختلط في هذا الكتاب بعض المحتوى الجيد بالإطار الخطير الموجّه لمسار كتابه؛ وذلك أن وضع المرأة لم يكن بذاك الوضع الجيد في الواقع الاجتماعي، وكان بحاجة لإصلاح كغيره من المسارات التي وقع فيها الانحراف والضعف والظلم، فلامست كتاباته بعض تلك الأوجاع، ولكن الإطار الذي تحركت فيه كتابته قد بدأ يميل اتجاه التغريب، ومع ذلك فليس كل المحتوى تغريبيًا، فالأخطاء التي فيه مألوفة في الحقل الإسلامي ويمكن معالجتها ضمن هذا الحقل، حتى جاء كتابه الثالث ممثلًا للمرحلة الثالثة الذي جمع فيه بين الإطار التغريبي والمحتوى التغريبي "المرأة الجديدة" الذي صدم به المجتمع المسلم وحيّر الباحثين في فكره، فاختلفت آراؤهم حول مشكلة هذا الكتاب،


(١) انظر: مقدمة د. محمد عمارة في قاسم أمين الأعمال الكاملة ص ٢٢، وانظر: عودة الحجاب، محمد المقدم ١/ ٣٤.
(٢) انظر كلام محمد عمارة في تقديمه الأعمال الكاملة لقاسم أمين ص ١٢٤، وانظر: المؤامرة على المرأة المسلمة، د. السيد فرح ص ٦٣ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>