للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحريص على ملكه الذي يريد أن يستأثر بجميع مزايا المتاع الذي يملكه.

ولما كان من المحال ألا تعرض ضرورة تقضي على المرأة بالخروج من منزلها في بعض الأحيان أراد أن يتبعها بالحجاب حيث سارت فألزمها بستر وجهها إذا خرجت.

هذا الحجاب الذي قرره الرجل في الأصل على زوجته تعدى بعد ذلك إلى البنات والأمهات والأخوات وإلى عموم النساء؛ لأن كل امرأة هي زوجة أو كانت زوجة أو مستعدة لأن تكون زوجة.

فالحجاب هو عنوان ذلك الملك القديم، وأثر من آثار تلك الأخلاق المتوحشة التي عاشت بها الإنسانية أجيالًا قبل أن تهتدي إلى إدراك أن الذات البشرية لا يجوز أن تكون محلا للملك لمجرد كونها أنثى. . . ." (١).

ويجيب عن سبب بقائه إلى اليوم فيقول: "وليس من الغريب بقاء الحجاب بعد زوال السبب الذي أوجده؛ أي: بعد خروج المرأة عن ملكية الرجل. . . ."، فـ"سنة التدرج أن تعيش النساء في حالة وسط بين الرق والحرية، حالة اعتبرت فيها المرأة أنها إنسان، لكنه ناقص غير تام، كبر على الرجل أن يعدّ المرأة التي كانت ملكًا له بالأمس، مساوية له اليوم" فأبقاها في مرتبة أقل منه وزعم أن الله أوجد هذه الحال، ولذا يلزم بقاؤها في بيتها وتستر وجهها إذا خرجت (٢).

وبعد هذا العرض العلمي كما يزعم يصل للنتيجة الخطيرة التي يحرص المتغربون عليها: "وذلك هو السر في ضرب الحجاب، وعلة بقائه إلى الآن، فأول عمل يعد خطوة في سبيل حرية المرأة هو تمزيق الحجاب ومحو آثاره" (٣). ونجد فارقًا شاسعًا بين هذه النتيجة مقارنة بما في "تحرير المرأة" الذي يقول فيه: "ربما يتوهم ناظر أنني لا أزال أرى الآن رفع الحجاب بالمرة، لكن الحقيقة غير ذلك، فإنني لا أزال أدافع عن الحجاب وأعتبره أصلًا من أصول الأدب التي يلزم التمسك بها، غير أني أطلب أن يكون منطبقًا على ما جاء في الشريعة الإِسلامية وهو -على ما في تلك الشريعة- يخالف ما تعارفه الناس


(١) المرجع السابق ص ٣٤ - ٤٥.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ٣٥.
(٣) المرجع السابق ص ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>