للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندنا. . . ." (١)، وقوله: "ولو أن في الشريعة الإِسلامية نصوصًا تقضي بالحجاب على ما هو معروف الآن عند بعض المسلمين لوجب علىّ اجتناب البحث فيه، ولما كتبت حرفًا يخالف تلك النصوص، مهما كانت مضرة في ظاهر الأمر؛ لأن الأوامر الإلهية يجب الإذعان لها بدون بحث ولا مناقشة. لكننا لا نجد نصًا في الشريعة يوجب الحجاب على هذه الطريقة المعهودة. . . ." (٢)، وبعد عرضه أقوال المجيزين كشفها الوجه والكفين عند أمن الفتنة قال: "ولا ريب أن ما ذكرنا من مضار التحجب يندرج في حكمة إباحة الشرع الإِسلامي كشف المرأة وجهها وكفيها -ونحن لا نريد أكثر من ذلك" (٣). لاريب أن هناك فارقًا كبيرًا بين الحالين، بين الدعوة للتمسك بالحجاب وبين الدعوة لتمزيقه، ولا يكون مثل هذه الحال إلا مع تغير كبير أصاب هذا الباحث. ونبحث الآن هذا المزعم العلمي حول أصل الحجاب.

[حقيقة هذا الأصل]: تأتي المسائل عند قاسم وأمثاله بعد ذلك متفرعة عن هذا الأصل حول تكون العائلة والحجاب، وكأنه مسلمةٌ لا يعتريها النقاش والشك، وبهذا يحملون متبعهم في قطار ذي سكة واحدة، فمن ركب معهم لم يبق له إلا هذا المسار، ومن هنا كان من المهم قطع الطريق من أوله. ويأتي الإشكال هنا من جهتين: إما أن الطريق الذي صنعوه غير صحيح، وهو الغالب في مثل هذه المسائل، إذ أغلبها مبني على ادعاءات نعلم بطلانها من صحيح الوحي، ولا يستطيع عاقل جاهل بالوحي الجزم بصحتها أو علميتها، أو أن الطريق صحيح ولكنه يصح على أحوال بعينها، يغلب عليها في هذا الباب أن تكون أحوالًا منحرفة عن الفطرة السوية والشريعة المستقيمة، فيُحول المرض إلى قاعدة عامة، تعمّ كل الأحوال، وفي التعميم يقع خطأ المتعاملين مع مثل هذه المناهج.

يقول "محمد أمزيان": إن "البحث في مجال النظم الاجتماعية من حيث أصولها ونشأتها والعوامل التي تخضع لها في تطورها تتعرض لكثير من الأخطاء، ولا يمكن أن تحقق قدرًا من العلمية لكثرة اعتمادها على التخمين والظن


(١) تحرير المرأة، قاسم أمين ص ٦٠.
(٢) المرجع السابق ص ٦٢.
(٣) المرجع السابق ص ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>