للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفسيلوجية يمتاز بها كل صنف عن الآخر. ولكن ليس في هذه الاختلافات ما يدل على أن أحد الصنفين أرقى من الآخر أو أحط منه" (١)، وهو يخلط هنا بين آراء البشر وقت انحرافهم عندما يحكمون بأفضلية مخلوق على آخر باللون أو الجنس، وهذا يخالف ما قرره الإِسلام عندما فرق من جهة الوظائف بين الذكر والأنثى، فهناك وظائف تناسب الرجل وأخرى تناسب المرأة، أما الأكرم فهو الأتقي، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)} [الحجرات:١٣] ,قال ابن كثير في تفسيره: "فجميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء سواء، وإنما يتفاضلون بالأمور الدينية، وهي طاعة الله ومتابعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -". ثم ذكر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" (٢). ولكنه يترك هذه المعاني العظيمة التي قررها الإسلام، ويذهب إلى أمر قد لا يخالف في معلوماته، ولكن يخالف في النتائج التي يريد الوصول إليها، يقول: "والحقيقة أن المرأة أمام علم التشريح ليست أقل درجة من الرجل ولا أرقى منه، وإنما تختلف عنه؛ لأن لها وظائف تقوم بها غير وظائف الرجل" (٣).

بل إننا نجد شهادات أخرى أكثر توازنًا من الناحية العلمية مع أن الدخول في هذا الباب دون الاستناد لركن قوي، يعرض الأطراف لتجاذبات قد لا تنتهي، ومع ذلك نذكر اتجاهًا آخر من داخل العلم يقول صاحبه: "إن الاختلافات الموجودة بين الرجل والمرأة لا تأتي من الشكل الخاص للأعضاء التناسلية، ومن وجود الرحم والحمل، أو من طريقة التعليم. إذ إنها ذات طبيعة أكثر أهمية من ذلك .. إنها تنشأ من تكوين الأنسجة ذاتها ومن تلقيح الجسم كله بمواد كيميائية محددة يفرزها المبيض. ولقد أدى الجهل بهذه الحقائق الجوهرية بالمدافعين عن الأنوثة إلى الاعتقاد بأنه يجب أن يتلقى الجنسان تعليمًا واحدًا، وأن يمنحا قوى واحدة ومسؤوليات متشابهة، والحقيقة أن المرأة تختلف اختلافًا كبيرًا عن


(١) المرجع السابق ص ٣٦.
(٢) تفسير ابن كثير ص ١٢٤٣، والحديث رواه مسلم برقم (٢٥٦٤)، باب تحريم ظلم المسلم وخذله. . . . من كتاب البر والصلة والآداب.
(٣) المرأة الجديدة ص ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>