للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهي من جهة مبنية على أصل غير مسلم به، ولم يسلم به إلا أتباع الاتجاه فقط، كما أن القانون الذي يفسر عملية التطور يلحقه ما لحق مبحث الأصل، والشواهد والأمثلة تخالف العمل العلمي لما فيها من انتقائية مع استبعاد ما يخالف فرضيات الاتجاه، ولذا فهم ينجحون عند تفسير الواقع ولكنهم يتيهون عند العودة للماضي أو عند وضع قانون عام للظواهر الاجتماعية، ولا يشترط أن يكون الواقع الصحيح من جهة التفسير هو الصحيح من جهة الحق والخير، فقد يكون الواقع هو المرض وينجح المفكرون في تشخيص المرض، ولكن صحة تفسير المرض لا يعني خيريته.

الاستعانة بالعلم في تأكيد نتائج أصل الحجاب الاجتماعي: لقد بني قاسم دعواه على انحرافات علمية أو على أحسن الأحوال أوهامٍ علمية، ومع أن النتيجة التي وصل إليها باسم العلم لا تعد علمية فإنه مع ذلك أنهى الوضع وانتقل إلى استدلالات أخرى من ميادين للعلم لتأكيد سلامة النتيجة، وهو باب واسع وضبابي، مما يسمح بتسرب الأوهام تحت دعوى العلمية، حيث يغلب على المدعي فيها أن يذكر الدليل العلمي، وفي الفكر العلمي الحديث ما يعارضه تمام المعارضة، مما يجعل الجميع في حاجة لمرجعية أخرى، وعليا تحكم بين الطرفين. وهنا بعض ما ذكره في هذا الباب:

[١] من ذلك الاستدلال بالتساوي في التكوين الجسدي للرجل والمرأة، فلماذا في رأيهم تُكلف بالحجاب! ولكن هذا الاستدلال تجد ما يعارضه من حقل العلم ذاته؛ أي: أننا نجد الدليل وضدّه، مما يعني وجود خطأ ما في التعامل مع العلوم الطبيعية التي تدرس جسد الإنسان.

يرى قاسم أن أهم مسألة تسببت في استعباد المرأة، ثم حجابها هي تهمة نقصان العقل فيقول: "ولما كانت تهمة المرأة بنقصان العقل هي الحجة التي اتخذها الرجل لاستعبادها، وجب علينا أن نبحث في طبيعة المرأة لنعلم إن كانت، كما يقال أحط من طبيعة الرجل أم لا؟ " (١)، إلى أن قال: "يلزمنا لحلها أن نرجع إلى الأصول العلمية لنعلم ما تقرره فيها. . . . غير أنهم حكموا بأن المرأة ليست مثل الرجل في الخلقة، وأنه يوجد بين الصنفين اختلافات تشريحية


(١) المرأة الجديدة ص ٣٥ - ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>