منها أن تكون متقشفة المظهر، حاجبة لنظرات الآخرين وأطماعهم، متباعدة قدر الإمكان عن الجنس الآخر، وفي الوقت ذاته أن تكون أنثى كاملة مع الزوج. . . . ولكن المشكلة من الوجهة النفسية أشد تعقيدًا بكثير؛ لأنها تفترض من المرأة القدرة على الجمع بين العفة المفرطة من ناحية، والإقبال المفرط على الجنس من جهة أخرى؛ ذلك لأن على هذه المرأة نفسها أن تعوض زوجها عن خشونة مظهرها الخارجي، وتثبت له أنها لا زالت الأنثى القادرة على تحقيق جميع رغباته. فكيف يمكن أن تجمع شخصية واحدة، ونفسية واحدة، بين هذين النقيضين؟ ألا يؤدي هذا التناقض بين المظهر الخارجي والممارسة الخاصة إلى أزمة نفسية أو تعقيد في التكوين الداخلي للمرأة؟ " (١).
أول ما نجده حول قاسم أمين هو تضخيم مواقفه ذات البعد العلمي، ومن ذلك مسائل ذات صلة بعلم النفس بكل مذاهبه المتنافرة ونظرياته المتناقضة والمعقدة، وتتوقع أنك ستجد هذا الطرح العلمي النفسي بذكر النظريات والأدلة والنتائج فإذا نظرنا لما قاله فلا نجد إلا سطرًا أو سطرين، فأين هي العلمية!
فمن ناحية شرعية يمتنع أن يوجد في شرع الله ما يضرّ جسد الإنسان أو نفسه، فما جاءت الشريعة إلا لسعادة الإنسان وصلاح حاله ومآله، كما أن الواقع لا يقدم أي دليل علمي، وإنما هو من رمي التهم وهي عادة كل من تأثر بالعلمنة والتغريب، وإلا فما يحصل للمرأة المتبرجة والتي تخالط الأجانب من إضعاف أعصابها، وما يصيبها من ضغط نفسي هو الأبرز، ولكنهم يتنكرون للفطرة، ويدّعون أن ما أصابها من جراء الاختلاط مرض لابد منه فهو ضريبة الحضارة. كما أنهم يصورون المتحجبة، وكأنها في كيس مغلق لا ترى النور ولا تشم الهواء، بينما الحجاب الإسلامي هو نوع من اللباس يغطي جمال المرأة وزينتها أمام الأجانب فقط ولا يمنعها من أي نشاط، كما أنه لا يحرمها من أي احتياج، قد نتصور تلك العقد والأمراض النفسية لو تخيلنا وجود امرأة في كيس، ولا تدري عن العالم حولها شيئًا ولا ترى نور الشمس ولا الهواء النقي ولا تتحرك ولا تمشي ولا تمارس نشاطًا بدنيًا، وهذا غير موجود في الحجاب الإسلامي. بل إننا لو سرنا في مسار الاستشهادات العلمية فسنجد دراسات من ميدان العلوم
(١) الصحوة الإسلامية في ميزان العقل، د. فؤاد زكريا ص ١٤٧.