للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاجتماعية تثبت عكس ما يدّعون، حيث تثبت الجانب النفسي الجيد للمتحجبة وذلك بالاعتماد على دراسات ميدانية متكئة على معرفة جيدة بميدان العلوم الاجتماعية ونظرياتها (١).

النموذج الثانى: النموذج المادى الماركسى:

سبق أن رأينا أن الدراسات العلمية حول المرأة والأسرة تنتمي لعلم الاجتماع الوضعي الذي تأثر كثيرًا بفكرة التطور الدارونية، وقد ظهرت اتجاهات اجتماعية مختلفة منها الوضعية التي تأثر بها "قاسم أمين"، ومنها "المادية" ولاسيّما في صورتها الماركسية، ويأتي هذا النموذج مثالًا عنها، وبقدر ما يتفقون في النتيجة حول وضع الحجاب، إلا أن الاختلاف فقط حول الأصول النظرية، وكما سبق فإن الاتفاق على خلع الحجاب لا يأتي بسبب علمية النتيجة، وإنما بسبب علمانية العلم، وهو الإطار العام الذي يضبط جميع الدراسات المنطوية تحته. نجد هذا المثال في تطورية دارونية ومادية صريحة مع سلامة موسى. ساق "موسى" مسار تطور الإنسان حيث بدأ بحسب زعمه مثل القرد يتسلق الأشجار ويعيش عليها، ثم حدثت ظروف حملت الإنسان على ترك الأشجار والعيش على الأرض، وبدأت تتطور أعضاء الإنسان بما يناسب المشي على الأرض، وقد كانت حياة الإنسان في هذه الفترة مشاعية، وفي هذه المرحلة تطور دماغه وانتقل لممارسة الصيد مما تعني الحاجة للتعاون والحاجة للغة فنشأت اللغة، وفي مرحلة الصيد نشأت "معظم خرافاته، جاءت من هذه الحقبة حين كان يستعين على الصيد بعقائد السحر والدين. ذلك أن الصيد خطر، والصائد عرضة لأن يكون فريسة ما يصيد، ولذلك كان الخوف يعم الصائدين ويحملهم على التشبث بأية عقيدة تلهمهم بعض الاطمئنان. وظهر حجاب المرأة في ذلك الوقت؛ ذلك أن أشأم كلمة أيام الصيد كانت كلمة الدم. إذ هي تحمل معنى القتل، ولما كانت المرأة تحيض كل شهر كانت لذلك يحرم على الرجل الاقتراب منها أو حتى رؤيتها قبل الخروج للصيد حتى لا يتشاءم بالدم" (٢).


(١) انظر مثلًا: سيكولوجية الحجاب. القيم النفسية لارتداء الحجاب مع دراسة ميدانية على عيّنة عربية، د. عبد الرحمن العيسوي.
(٢) المرجع السابق ص ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>