للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة هذا الوضع، فهو يمتدحه ويراه علامة نضوج للمثقفين النصارى، وهذا من حجم التغرب الأعمى الذي أصاب طائفة من المسلمين.

المثال السادس: يأتي في هذا الإطار بصورة أصرح، إطار علمنة الحياة عمومًا، الكتاب النصارى وبخاصة أن أغلبهم قد انقاد مع أشد تيارات الفكر الغربي إلحادًا مثل الماركسية وغيرها، ومن هؤلاء الدكتور لويس عوض، تلميذ سلامة موسى وصاحب العلاقات المشبوهة بمنظمات خفية وعلنية، فالإسلام برأيه لا يملك نظامًا سياسيًا خاصًا به، والتجربة الإسلامية الناجحة الأولى هي في حقيقتها جمهورية شرعية بقيادة رجال، وفيه تتضح الأبعاد العلمانية، فنجاح تجربة الإسلام الأولى ترجع بسبب علمانيته (١)، وقد رصد الدكتور حلمي القاعود صور علمنته ومعاداته للإسلام بوصفه نقيضًا للعلمانية، فوجده ناشطًا في إلصاق كل اتهام بالإسلام ورافعًا من شأن علمنة الحياة (٢)، ومن تتبع أهم إنتاج فكري له حول تاريخ الفكر المصري الحديث، يجد تركيزه في كل مناسبة على هذا البعد، الرفع من العلمنة والخفض من الإسلام (٣).

هذه بعض معالم دعوى علمانية العلم، صورتها وأضرارها، وبعض صورها عند المتغربين، وصور محاربة أسلمة المعرفة الحديثة، ويدور الأمر فيها غالبًا إلى قياس حال تاريخية معينة على حال أخرى لا تناسبها، حيث هناك نزعة للتشبه بوضع المشكلة في البيئة الغربية وتقليدٍ لها دون مبرر. نترك هذه الدعوى إلى دعوى أخرى تقوم على القول بوجود تعارض بين العلم والدين.


(١) رأيهم في الإسلام، مجموعة كتاب ص ١١٢.
(٢) لويس عوض - الأسطورة والحقيقة، د. حلمي القاعود ص ٢٩، ٣٢، ٢٥٠ وما بعدها.
(٣) انظر مثلًا: تاريخ الفكر المصري الحديث من عصر إسماعيل. . . .، د. لويس عوض ص ١٧٧، ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>