للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرهم من العلماء الأفاضل، ممن أعجب أو تأثر بدعوة الأفغاني وعبده ومع ذلك أفادهم اطلاعهم على تراث ابن تيمية وابن القيم وغيرهما من أهل السنة في اعتدال موقفهم.

هذا الاتجاه الكبير قام بأعمال كبيرة في القرن الرابع عشر، إلا أن العلاقة بين الدين والعلم وما يثيره أهل التغريب من دعاوى حول هذا الباب قد أخذت باهتمامهم وشكلت جزءًا من نشاطهم، فحرصوا على معالجتها ورفع الالتباس الذي فيها، ولهم في ذلك جهد عظيم لا ينكره أحد، فقد عاشوا فترة الاستعمار ونشاط تيارات التغريب، فواجهوا تلك الحملة الرهيبة واجتهدوا، فأصابوا وأخطئوا، يختلفون في ذلك، كل بحسب الظروف التي تُحيط به بحسب الإمكانيات العلمية والمعرفية التي يمتلكها.

غلب عليهم استثمار قانون أهل الكلام، لقد وجدوه آلة مناسبة لمواجهة المشكلة الجديدة، فكما واجه هذا القانون العقلَ قديمًا يمكنه مواجهة العلم حديثًا، مع الاجتهاد في التأويل عند الحاجة أو التفويض والتسليم عند عدم الاستطاعة، مع الاعتقاد أن للنص معنى لم تدركه عقولنا. مع أن هناك تعديلات تقع في التطبيق أجدها والعلم عند الله من التأثر بما اطلعوا عليه من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، فتجد عند بعضهم الاحتياط في إبداء الرأي، وتجد العناية بصحيح السنة، وتجد محاولة تجاوز بعض الأصول العقدية الكلامية أو الصوفية التي تؤثر في التصور الصحيح للدين وعلاقته بالحقائق العقلية أو العلمية، وهي ميدان بحث واسع لا يتسع له المقام (١).


= وقد صرح الشيخ "محمَّد بن الحسن الحجوي" بأنه وجد بعد سنتين من كتابته في الموضوع كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية، وفيه يقول: "ولقد وجدته مجموعًا واسعًا في مجلدات، ولكنه نحى غير المنحى الذي انتحيته. . . . وقد توافقنا والحمد لله في المبدأ الذي هو موافقة المعقول للمنقول غير أنه سلك طريق ابن خلدون في تقديم المنقول بل زاد هو ولو ظنيًا، فكأنه نقض مبرمه، وتنبغي مراجعة كتابه ومقابلته مع هذه الرسالة، فرب ساقية أنفع من بحر. . . ."، انظر: التعاضد المتين بين العقل والعلم والدين، له ص ٩٢ هامش ٢، بتحقيق د. محمَّد عزوز، وكتعليق لابد منه: فإن شيخ الإسلام ابن تيمية سلك طريقة السلف، فلا علاقة له بابن خلدون، وابن خلدون بعيد عن ابن تيمية، كما أن شيخ الإسلام كما سيأتي لم يقدم الظني.
(١) انظر: شيئًا من ذلك في المبحث الثاني من الفصل الخامس من الباب الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>