للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على كسرها" (١).

المثال الثاني: نجده في الصحافة التركية بعد تحولها إلى دولة علمانية فكتب أحدهم مقالة: "على أبواب افتتاح الجامعة ومما قاله: "إننا بينما ندرس نظرية داروين في النشوء والارتقاء من جانب، نلقن الصغار في المدارس الابتدائية في دروس الدين معلومات غير علمية من جانب آخر، فمثلًا نلقنهم مثل هذا الدعاء: "يا رب! أنت خالقي وخالق أبي وأمي وخالق الأحياء والجمادات وأنت رازقنا"" (٢).

يلفت المثالان السابقان النظر إلى وجود توجه جديد، فلم يعد الأمر مكتفيًا بعرض المشكلة في الصحافة بطريقة غير مستفزة ولم يعد هناك الحرص على عرض وسائل منهجية للتوفيق، بل أصبح التحيز مع التغريب، ومع إثبات صحة الدعوى، ومع إقصاء الدين، ومع تعميق المشكلة، حتى داخل التعليم ذاته، وحتى مع الأطفال، أصبحت الدعوى ستارًا لإعلان الإلحاد ذاته، فمن الواضح في المثالين أن الأمر تجاوز دعوى التعارض بين موضوعات إلى إطار جديد لا مكان فيه للدين.

ننتقل الآن إلى بعض النماذج الفكرية، نراها تتحرك بين مستويات مختلفة من أنواع التعارض الأربعة، هي لا تعرض الدعوى إلا لانتقاص الموقف الديني وإحلال الموقف اللاديني مكانه، وتتميز النماذج الفكرية بعدم حرصها على العرض العلمي للإشكالية؛ لأن هدفها في الأساس هدف أيدلوجي يوجه نشاطهم الفكري.

نجد أولًا أحد المدافعين عن العلمانية ممن يتبنى نشر الدعوى حجةً للعلمانية، وهو الدكتور "عزيز العظمة ففي عرضه لطائفة الصحفيين النصارى في بداية القرن من أمثال: "شبلي شميل" و"سلامة موسى" التي تبنت الإلحاد "ظاهرًا" وأخذت بمادية صريحة ترتب "عليها الإفصاح بكل وضوح عن تعارض أساسي تغاضت عنه الإصلاحية الإسلامية والاعتذارية المسيحية، وهو تعارض الدين والعلم، وبذلك ليس للإنسان شرائع منزلة إلا ما أنزله جهله عليه من


(١) انظر: الاتجاهات الوطنية. . . .، د. محمَّد محمَّد حسين ٢/ ٣٥٢.
(٢) انظر: موقف الدين من العلم، د. علي باشكيل ص ٤٤ - ٤٥، من الحاشية.

<<  <  ج: ص:  >  >>