للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِسلامي. . . ." (١)، فتحمس الكاتب للعلمانية جعله ينفر من كل إطار إسلامي لحياة المسلمين، فإنه في كل مكان لابد من إطار، وكل المجتمعات البشرية لا تعيش دون قيم وثقافة ونظام وأخلاقيات وتشريعات تحيط أي نشاط له صلة بالمجتمع، فهناك فرق بين الجانب العلمي وتطبيقاته، والأمران يحاطان بالتوجيه في الإطار الإِسلامي، فرائد المسلم وموجّهه هو الدين، وهو لا يجد نفسه إلا في البحث عن حكم الله سبحانه والامتثال له. فهذا النوع لا يدخل في باب التعارض بين الدين والعلم، وإنما هو في حاجة إلى تشريع، وشريعتنا هي الإِسلام، فما كان موافقا للإسلام قبلناه وما كان مخالفًا لأوامره ونواهيه من التطبيقات لم نقبل به ويصبح معارضًا للشرع، فليس كل ما صح في العلم تقبله الأمم والثقافات والشرائع فما بالك بشريعة الإِسلام الخاتمة، عندها لا يكون حرص المسلمين على الحكم الشرعي من المعارضة للعلم، وإنما هي من باب البحث عن موافقته للشرع، فالعلم هنا صحيحٌ من وجه، ولا ينكر الدين قيامه وتحققه، ولكن ليس كل صحيحٌ بجائز أو نافع؛ لوجود جوانب أخرى تكتمل الصورة بها، فإن الجوانب العملية قد يصح وجهها المادي ولكن لا يصح وجهها الإنساني، كما سبق بيان ذلك في الفصل الثالث من الباب الثاني.

لقد كشف لنا هذا المفكر عن نوعين من دعوى التصادم والتعارض لا حقيقة لهما، حيث جعل التصادم بين الدين والأفكار هو من التصادم بين الدين والعلم، وليس الأمر كذلك، وفي المثال الثاني جعل التطبيقات العملية هي دليل على التصادم، ولا أدري كيف لمفكر مشهور أن يقول بمثل هذا القول وهو يعلم أنه حتى في البلاد العلمانية عندما يراد تطبيق بعض الاكتشافات العلمية فلابد من تشريع لذلك.

المثال الثالث: مثال على أساليب التلاعب بدعوى التعارض:

تفاجئك بعض دور النشر التغريبية بإخراجها مجموعة من الكتب في طباعة فاخرة ذات مضمون ومحتوى سقيم، ومن ذلك ما تخرجه دار "الطليعة" للدكتور "عبد الرزاق عيد". أقف مع أحد كتبه (٢) حيث أظهرَ فيه دعوى التعارض ودافع


(١) الصحوة الإِسلامية في ميزان العقل ص ٦٨.
(٢) بعنوان: (سدنة هياكل الوهم/ نقد العقل الفقهي (يوسف القرضاوي بين التسامح والإرهاب)، د. عبد الرزاق عيد).

<<  <  ج: ص:  >  >>