إذا توحي العبارة بصنوف التعذيب والحرمان والسجن والقتل والوحشية التي عرفتها أوروبا، بينما هو نزاع فكري على الصحف، وفي الحياة الثقافية مما يوجد في كل مكان. أيضًا أين هو الاضطهاد مع تلك المكاسب الكبيرة التي حصل عليها هؤلاء والمناصب العالية التي ارتقوها؟
٢ - أما الاتهام بوجود تصادم بين الدين والعلم بسبب الموقف السلبي للمفكرين الإِسلاميين مع دارون وفرويد وماركس والتعامل السلبي لرجال الدين الإِسلامي "مع كثير من النظريات العلمية والفكرية الحديثة"، فإن هذا الموقف السلبي لا علاقة له بموضوع العلاقة بين الدين والعلم، فهو صراع على مستوى الأفكار وليس على مستوى العلم، فإن "دارون وفرويد وماركس" ليسوا هم العلم، وإنْ انتمى نشاط بعضهم إلى العلم، فليس من واجب المسلمين إدخال كل ما صادفوه من الأفكار والعلوم أو التوافق معها، قد يصح هذا في أمة لا دين لها ولا تاريخ لها ولا هوية لها، وقد يصح في أمه لا يوجد لديها ما تزن به ما حولها. فليس كل ما ظهر في الغرب يجب علينا اتباعه -حتى وإن انتمى لمجال العلم- إلا بعد تمحيصه والتأكد من حاجتنا إليه، وعند الصحوة الإِسلامية -التي يخاصمها الكاتب- من المتخصصين في العلوم ما يؤهلها لإبداء الرأي في "فرويد" و"ماركس" وغيرهم، كما أن الأمة الإِسلامية عمومًا فيها من أهل العلوم ما يؤهلهم لبيان المناسب من غير المناسب، وليست خصومتهم مع أفكار "ماركس" و"فرويد" خصومة مع العلم وإنما مع موقفهما الإلحادي، فإنهم يرون بأن نشاطهما العلمي يصل لنتائج غير علمية مثل قولهما بأن الدينَ وهمٌ وخرافة وخطر على البشرية، ثم تبحث عن سند علمي لدعواهما فلا تجد، عندها تعلم بعدها عن العلم. فمن الطبيعي أن يقع التصادم والتعارض بين الفكر الإِسلامي والفكر الماركسي مثلًا، ولكن هذا لا يُعد من التعارض بين الدين والعلم.
ننتقل إلى مستوى آخر -الثاني- من التعارض يدّعيه الكاتب بين الدين والعلم، وهو التعارض العملي فيقول: "قد يقال أيضًا إن تلك النظريات كانت تنطوي على نتائج تهدد القيم تهديدًا خطيرًا، ولكن، حتى لو صح هذا الدفاع، فماذا نقول عن كشوف علمية محايدة لم تكن تستهدف المساس بالدين من قريب أو بعيد، كالهندسة الوراثية وأطفال الأنابيب؟ إن أمثال هذه الكشوف ما زالت تحتاج إلى مباركة هيئات دينية عليا قبل أن تصبح مشروعة في المجتمع