للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحيحة على تعارض حقيقي بين الإِسلام والعلم وتتفاجأ بتحويله المسار إلى جانب آخر، فيقول بأنه وقع عندنا "تصادم بين الدين والعلم في ظل الحضارة الإِسلامية. فماذا يقول هؤلاء عن المحن التي ألمت بالمعتزلة، وابن رشد، والسهروردي، والحلاج، على سبيل المثال؟ "، ويُعد هذا شاهدًا من القديم، ويضيف شاهدًا معاصرًا فيقول: "ماذا نقول عن الاضطهاد الذي ألحقه رجال الدين، أو مؤسسة الأزهر، بطه حسين، وعلي عبد الرازق، ومحمد أحمد خلف الله، وكثير غيرهم من المفكرين"، ثم قال: "قد يقال إن الحالات السابقة تتعلق بشخصيات كانت تتحدى مبادئ دينية أساسية، وكان الصدام معها محتومًا. ومع عدم اعترافنا بصحة هذا الدفاع، فإنا سنجد الوضع مماثلًا في تعامل رجال الدين الإِسلامي مع كثير من النظريات العلمية والفكرية الحديثة. فما زال دارون وفرويد حتى اليوم موضوعين في القائمة السوداء، لدى جميع المفكرين الإِسلاميين، ولاسيّما رجال الدين منهم، وما تزال تعاليمهما ونظرياتهما تُلعن كل صباح ومساء على أيدي أشخاص لم يقرؤوا عنهما إلا ما كتبه شركاؤهم في الفكر. بل مجرد الإشارة إلى اسميهما، ومعهما اسم ماركس بالطبع، يُعد من المحرمات في أكثر البلاد تمسكًا بالتعاليم الشكلية للإسلام" (١)، وأقف مع هذا النص:

١ - كنا نتوقع أنه سيذكر أمثلة على التصادم بين "الدين والعلم" فهذا هو ينقلنا إلى صراعات اجتماعية وسياسية وفكرية لا علاقة لها بميدان العلم، وكان الأولى الوقوف مع الدعوى دون الالتفاف عليها، فقد وجدنا أنفسنا أمام أسماء أشخاص وليس أمام علوم ونظريات حقائق. كان الصراع في أوروبا واضحًا في ميدان العلم قبل طرح العلمانية، بين دين محرف وعلوم جديدة، فهي نظرية علمية تنتمي للعلم سواء كانت صحيحة أو خاطئة أو مجرد إجراء نظري، المهم أنها تنتمي لميدان العلم، وهذا لا نجده في الأمثلة التي ذكرها من العالم الإِسلامي، فلا أحد ينتمي إلى العلوم الرياضية الاستنباطية أو العلوم الطبيعية التجريبية وإنما هي أسماء في ميدان الفلسفات والأفكار.

كما أن الأسماء العربية المعاصرة لا يُسلم له بحصول اضطهاد في حقهم،


(١) الصحوة الإِسلامية في ميزان العقل، د. فؤاد زكريا ص ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>