للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكون. فكلها -الديانات- تتفق حول أن بداية نشأة البشر كانت مع آدم وحواء، ومن ثم فإن عمران الأرض كان نتاج خطيئة آدم وطرده من الجنة، وأن البشرية بكاملها تدفع ضريبة خطيئة آدم هذه التي أغوته بها زوجه حواء، فكانت رفيقته في اللعنة" (١)، هكذا يقول بمثل هذه السخرية والاستخفاف بآدم وحواء -عليهما السلام-، فكيف بما هو دون ذلك.

وبعد هذه الفجاجة عاد بعد جولة من الكلام ليتساءل: "أليس جميع الديانات قد رفضت نظرية داروين مثلًا؟ هل الإِسلام الذي لا يرى تعارضًا بين العلم والدين "كما حدث في الأديان الأخرى" على حد زعم القرضاوي، أخذ موقفا خاصًا .. واعترف بنظرية داروين. . . ." (٢)، وكأن شرط إثبات صحة الإِسلام مرتبط بقبولنا لنظرية "داروين"، في حرص منه على الخلط بين الأمور، فهؤلاء لا يفرقون بين الأمور المختلفة، فإن الإِسلام إذا وجد حقائق أثبتها العلم وتأكد منها العالَم فلن تجده رافضًا لصحته؛ لأن الإِسلام أوجب على أتباعه الاعتراف بالصواب مهما كان، ونظرية "داروين" ليست من الحقائق التي تجبرنا على التوفيق والتسليم بها.

يفضل الكاتب موقف النصرانية عندما انسحبت وتركت العلم، وما مارسته من المكر والدهاء أمام أعنف الأفكار، مثل ما عبر عنه "نيتشه": "بموت الله" بأن الذي مات هو إله الفلاسفة التجريدي، "فلم تشأ الكنيسة أمام الحقائق العلمية الجبارة في شتى حيزات الوجود الطبيعي والإنساني أن تعود للتشدق بفتاوى قروسطية في رفض هذا وإدانة ذاك، وتكفير خيرة ما أنجبه العقل البشري في القرون الأخيرة كما يفعل مشايخنا الإجلاء. ." (٣)، وإلى الآن تتواصل الألعاب الكلامية دون أن نجد خلفها أي قضايا تستحق التوقف باستثناء هذا الغلو العلماني الذي لم يتقبله حتى اليهود والنصارى، ثم أتحفنا بعد هذا الهجاء بدليل للدعوى، حيث قام بنقل صفحات من كتاب "صادق العظم": "نقد الفكر الديني" دليلًا على صحة دعواه، فأصبحت كل هذه المقدمات الكلامية من أجل نقل


(١) سدنة هياكل الوهم ص ٢٣٧، ولفظة (الديانات) المعترضة من الباحث، وهي مأخوذة من سياق كلامه.
(٢) المرجع السابق سدنة هياكل الوهم ص ٢٣٨.
(٣) المرجع السابق ص ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>